فصل: فَصَلٌ (فِي ذِكْرِ مَا اسْتُثْنِيَ مِنَ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإتقان في علوم القرآن ***


الجزء الأول

‏[‏مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ‏]‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ‏‏.‏

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَلَّامَةُ، الْحَبْرُ الْبَحْرُ الْفَهَّامَةُ، الْمُحَقِّقُ الْمُدَقِّقُ الْحُجَّةُ الْحَافِظُ الْمُجْتَهِدُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَارِثُ عُلُومِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، جَلَالُ الدِّينِ، أَوْحَدُ الْمُجْتَهِدِينَ، أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ سَيِّدِنَا الشَّيْخِ الْمَرْحُومِ كَمَالِ الدِّينِ، عَالِمُ الْمُسْلِمِينَ أَبُو الْمَنَاقِبِ أَبُو بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ الشَّافِعِيُّ‏‏:‏

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ، تَبْصِرَةً لِأُولِي الْأَلْبَابِ، وَأَوْدَعَهُ مِنْ فُنُونِ الْعُلُومِ وَالْحِكَمِ الْعَجَبَ الْعُجَابَ، وَجَعَلَهُ أَجَلَّ الْكُتُبِ قَدْرًا، وَأَغْزَرَهَا عِلْمًا، وَأَعْذَبَهَا نَظْمًا وَأَبْلَغَهَا فِي الْخِطَاب‏:‏ ‏{‏قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ‏}‏ وَلَا مَخْلُوقَ، وَلَا شُبْهَةَ فِيهِ وَلَا ارْتِيَابَ‏‏.‏

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ رَبُّ الْأَرْبَابِ، الَّذِي عَنَتْ لِقَيُّومِيَّتِهِ الْوُجُودُ، وَخَضَعَتْ لِعَظَمَتِهِ الرِّقَابُ‏.‏

وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ مِنْ أَكْرَمِ الشُّعُوبِ وَأَشْرَفِ الشِّعَابِ، إِلَى خَيْرِ أُمَّةٍ بِأَفْضَلِ كِتَابٍ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الْأَنْجَابِ، صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ إِلَى يَوْمِ الْمَآبِ‏‏.‏

وَبَعْدُ‏، فَإِنَّ الْعِلْمَ بَحْرٌ زَخَّارٌ، لَا يُدْرَكُ لَهُ مِنْ قَرَارٍ‏.‏ وَطَوْدٌ شَامِخٌ لَا يُسْلَكُ إِلَى قُنَّتِهِ وَلَا يُصَارُ، مَنْ أَرَادَ السَّبِيلَ إِلَى اسْتِقْصَائِهِ لَمْ يَبْلُغْ إِلَى ذَلِكَ وُصُولًا، وَمَنْ رَامَ الْوُصُولَ إِلَى إِحْصَائِهِ لَمْ يَجِدْ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا، كَيْفَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى مُخَاطِبًا لِخَلْقِه‏:‏ ‏{‏‏وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا‏‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 85‏]‏‏.‏

وَإِنَّ كِتَابَنَا الْقُرْآنَ لَهُوَ مُفَجِّرُ الْعُلُومِ وَمَنْبَعُهَا، وَدَائِرَةُ شَمْسِهَا وَمَطْلَعُهَا، أَوْدَعَ فِيهِ- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَبَانَ بِهِ كُلَّ هَدْيٍ وَغَيٍّ، فَتَرَى كُلَّ ذِي فَنٍّ مِنْهُ يَسْتَمِدُّ وَعَلَيْهِ يَعْتَمِدُ‏:‏

فَالْفَقِيهُ يَسْتَنْبِطُ مِنْهُ الْأَحْكَامَ، وَيَسْتَخْرِجُ حُكْمَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ‏.‏

وَالنَّحْوِيُّ يَبْنِي مِنْهُ قَوَاعِدَ إِعْرَابِهِ، وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ فِي مَعْرِفَةِ خَطَأِ الْقَوْلِ مِنْ صَوَابِهِ‏.‏

وَالْبَيَانِيُّ يَهْتَدِي بِهِ إِلَى حُسْنِ النِّظَامِ، وَيَعْتَبِرُ مَسَالِكَ الْبَلَاغَةِ فِي صَوْغِ الْكَلَامِ‏.‏

وَفِيهِ مِنَ الْقَصَصِ وَالْأَخْبَارِ مَا يُذَكِّرُ أُولِي الْأَبْصَارِ، وَمِنَ الْمَوَاعِظِ وَالْأَمْثَالِ مَا يَزْدَجِرُ بِهِ أُولُو الْفِكْرِ وَالِاعْتِبَارِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عُلُومٍ لَا يُقَدِّرُ قَدْرَهَا إِلَّا مَنْ عَلِمَ حَصْرَهَا‏.‏

هَذَا مَعَ فَصَاحَةِ لَفْظٍ وَبَلَاغَةِ أُسْلُوبٍ، تَبْهَرُ الْعُقُولَ وَتَسْلُبُ الْقُلُوبَ‏.‏ وَإِعْجَازُ نَظْمٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا عَلَّامُ الْغُيُوبِ‏.‏

وَلَقَدْ كُنْتُ فِي زَمَانِ الطَّلَبِ أَتَعَجَّبُ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ إِذْ لَمْ يُدَوِّنُوا كِتَابًا فِي أَنْوَاعِ عُلُومِ الْقُرْآنِ، كَمَا وَضَعُوا ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْمِ الْحَدِيثِ، فَسَمِعْتُ شَيْخَنَا أُسْتَاذَ الْأُسْتَاذِينَ، وَإِنْسَانَ عَيْنِ النَّاظِرِينَ، خُلَاصَةَ الْوُجُودِ عَلَّامَةَ الزَّمَانِ، فَخْرَ الْعَصْرِ وَعَيْنَ الْأَوَانِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحْيِيَ الدِّينِ الْكَافِيَجِيَّ- مَدَّ اللَّهُ فِي أَجَلِهِ، وَأَسْبَغَ عَلَيْهِ ظِلَّهُ- يَقُولُ‏:‏ قَدْ دَوَّنْتُ فِي عُلُومِ التَّفْسِيرِ كِتَابًا لَمْ أُسْبَقْ إِلَيْهِ‏.‏

فَكَتَبْتُهُ عَنْهُ فَإِذَا هُوَ صَغِيرُ الْحَجْمِ جِدًّا، وَحَاصِلُ مَا فِيهِ بَابَان‏:‏

الْأَوَّلُ‏:‏ فِي ذِكْرِ مَعْنَى التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ وَالْقُرْآنِ وَالسُّورَةِ وَالْآيَةِ‏.‏

وَالثَّانِي‏:‏ فِي شُرُوطِ الْقَوْلِ فِيهِ بِالرَّأْيِ‏.‏

وَبَعْدَهُمَا خَاتِمَةٌ فِي آدَابِ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ‏.‏

فَلَمْ يَشْفِ لِي ذَلِكَ غَلِيلًا، وَلَمْ يَهْدِنِي إِلَى الْمَقْصُودِ سَبِيلًا‏.‏

ثُمَّ أَوْقَفَنِي شَيْخُنَا شَيْخُ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ قَاضِي الْقُضَاةِ وَخُلَاصَةُ الْأَنَامِ حَامِلُ لِوَاءِ الْمَذْهَبِ الْمُطَّلِبِيِّ عَلَمُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَلَى كِتَابٍ فِي ذَلِكَ لِأَخِيهِ قَاضِي الْقُضَاةِ جَلَالِ الدِّينِ‏.‏ سَمَّاهُ مَوَاقِعُ الْعُلُومِ مِنْ مَوَاقِعِ النُّجُومِ فَرَأَيْتُهُ تَأْلِيفًا لَطِيفًا، وَمَجْمُوعًا ظَرِيفًا، ذَا تَرْتِيبٍ وَتَقْرِيرٍ، وَتَنْوِيعٍ وَتَحْبِيرٍ‏، قَالَ فِي خُطْبَتِه‏:‏

قَدِ اشْتُهِرَتْ عَنِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُخَاطَبَةٌ لِبَعْضِ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ، فِيهَا ذِكْرُ بَعْضِ أَنْوَاعِ الْقُرْآنِ يَحْصُلُ مِنْهَا لِمَقْصِدِنَا اقْتِبَاسٌ‏.‏ وَقَدْ صَنَّفَ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ جَمَاعَةٌ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ، وَتِلْكَ الْأَنْوَاعُ فِي سَنَدِهِ دُونَ مَتْنِهِ، أَوْ فِي مُسْنِدِيهِ وَأَهْلِ فَنِّهِ، وَأَنْوَاعِ الْقُرْآنِ شَامِلَةً وَعُلُومِهِ كَامِلَةً‏.‏ فَأَرَدْتُ أَنْ أَذْكُرَ فِي هَذَا التَّصْنِيفِ مَا وَصَلَ إِلَى عِلْمِي، مِمَّا حَوَاهُ الْقُرْآنُ الشَّرِيفُ، مِنْ أَنْوَاعِ عِلْمِهِ الْمَنِيفِ‏، وَيَنْحَصِرُ فِي أُمُورٍ‏‏:‏

الْأَوَّلُ‏‏:‏ مَوَاطِنُ النُّزُولِ وَأَوْقَاتُهُ وَوَقَائِعُهُ، وَفِي ذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ‏:‏ الْمَكِّيُّ، الْمَدَنِيُّ، السَّفَرِيُّ، الْحَضَرِيُّ، اللَّيْلِيُّ، النَّهَارِيُّ، الصَّيْفِيُّ، الشِّتَائِيُّ، الْفِرَاشِيُّ، وَالنَّوْمِيُّ، أَسْبَابُ النُّزُولِ، أَوَّلُ مَا نَزَلَ، آخِرُ مَا نَزَلَ‏‏.‏

الْأَمْرُ الثَّانِي‏‏:‏ السَّنَدُ، وَهُوَ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ‏‏:‏ الْمُتَوَاتِرُ، الْآحَادُ، الشَّاذُّ، قِرَاءَاتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّوَاةُ، الْحُفَّاظُ‏‏.‏

الْأَمْرُ الثَّالِثُ‏‏:‏ الْأَدَاءُ، وَهُوَ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ‏:‏ الْوَقْفُ، الِابْتِدَاءُ، الْإِمَالَةُ، الْمَدُّ، تَخْفِيفُ الْهَمْزَةِ، الْإِدْغَامُ‏‏.‏

الْأَمْرُ الرَّابِع‏ُ‏:‏ الْأَلْفَاظُ، وَهُوَ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ‏‏:‏ الْغَرِيبُ، الْمُعَرَّبُ، الْمَجَازُ، الْمُشْتَرَكُ، الْمُتَرَادِفُ، الِاسْتِعَارَةُ، التَّشْبِيهُ‏.‏

الْأَمْرُ الْخَامِس‏ُ‏:‏ الْمَعَانِي الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَحْكَامِ، وَهُوَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ نَوْعًا‏‏:‏ الْعَامُّ الْبَاقِي عَلَى عُمُومِهِ، الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ، الْعَامُّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ، مَا خَصَّ فِيهِ الْكِتَابُ السُّنَّةَ، مَا خَصَّتْ فِيهِ السُّنَّةُ الْكِتَابَ، الْمُجْمَلُ، الْمُبَيِّنُ، الْمُئَوَّلُ، الْمَفْهُومُ، الْمُطْلَقُ، الْمُقَيَّدُ، النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ، نَوْعٌ مِنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، وَهُوَ مَا عُمِلَ بِهِ مِنَ الْأَحْكَامِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَالْعَامِلُ بِهِ وَاحِدٌ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ‏‏.‏

الْأَمْرُ السَّادِسُ‏‏:‏ الْمَعَانِي الْمُتَعَلِّقَةُ بِأَلْفَاظٍ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَنْوَاع‏ٍ‏:‏ الْفَصْلُ، الْوَصْلُ، الْإِيجَابُ، الْإِطْنَابُ، الْقَصْرُ‏‏.‏

وَبِذَلِكَ تَكَمَّلَتِ الْأَنْوَاعُ خَمْسِينَ‏.‏ وَمِنَ الْأَنْوَاعِ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحَصْر‏:‏ الْأَسْمَاءُ، الْكُنَى، الْأَلْقَابُ، الْمُبْهَمَاتُ‏‏.‏

فَهَذَا نِهَايَةُ مَا حُصِرَ مِنَ الْأَنْوَاعِ‏.‏

هَذَا آخِرُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي جَلَالُ الدِّينِ فِي الْخُطْبَةِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا بِكَلَامٍ مُخْتَصَرٍ يَحْتَاجُ إِلَى تَحْرِيرٍ وَتَتِمَّاتٍ وَزَوَائِدَ مُهِمَّاتٍ‏.‏ فَصَنَّفْتُ فِي ذَلِكَ كِتَابًا سَمَّيْتُهُ‏:‏ التَّحْبِيرُ فِي عُلُومِ التَّفْسِيرِ ضَمَّنْتُهُ مَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنَ الْأَنْوَاعِ مَعَ زِيَادَةٍ مِثْلِهَا، وَأَضَفْتُ إِلَيْهِ فَوَائِدَ سَمَحَتِ الْقَرِيحَةُ بِنَقْلِهَا، وَقُلْتُ فِي خُطْبَتِه‏:‏

أَمَّا بَعْدُ‏‏:‏ فَإِنَّ الْعُلُومَ وَإِنْ كَثُرَ عَدَدُهَا، وَانْتَشَرَ فِي الْخَافِقَيْنِ مَدَدُهَا، فَغَايَتُهَا بَحْرٌ قَعْرُهُ لَا يُدْرَكُ، وَنِهَايَتُهَا طَوْدٌ شَامِخٌ لَا يُسْتَطَاعُ إِلَى ذُرْوَتِهِ أَنْ يُسْلَكَ، وَهَذَا يَفْتَحُ لِعَالِمٍ بَعْدَ آخَرَ مِنَ الْأَبْوَابِ مَا لَمْ يَتَطَرَّقْ إِلَيْهِ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ الْأَسْبَابُ‏.‏

وَإِنَّ مِمَّا أَهْمَلَ الْمُتَقَدِّمُونَ فِي تَدْوِينِهِ حَتَّى تَحَلَّى فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِأَحْسَنِ زِينَةٍ، عِلْمَ التَّفْسِيرِ الَّذِي هُوَ كَمُصْطَلَحِ الْحَدِيثِ، فَلَمْ يُدَوِّنْهُ أَحَدٌ لَا فِي الْقَدِيمِ وَلَا فِي الْحَدِيثِ، حَتَّى جَاءَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَعُمْدَةُ الْأَنَامُ، عَلَّامَةُ الْعَصْرِ، قَاضِي الْقُضَاةِ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَعَمِلَ فِي كِتَابِه‏:‏ مَوَاقِعُ الْعُلُومِ مِنْ مَوَاقِعِ النُّجُومِ‏.‏ فَنَقَّحَهُ وَهَذَّبَهُ، وَقَسَّمَ أَنْوَاعَهُ وَرَتَّبَهُ، وَلَمْ يُسْبَقْ إِلَى هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ، فَإِنَّهُ جَعَلَهُ نَيِّفًا وَخَمْسِينَ نَوْعًا مُنْقَسِمَةً إِلَى سِتَّةِ أَقْسَامٍ، وَتَكَلَّمَ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا بِالْمَتِينِ مِنَ الْكَلَامِ، فَكَانَ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو السَّعَادَاتِ بْنُ الْأَثِيرِ فِي مُقَدِّمَةِ نِهَايَتِه‏:‏ كُلُّ مُبْتَدِئٍ بِشَيْءٍ لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهِ، وَمُبْتَدَعِ أَمْرٍ لَمْ يُتَقَدَّمْ فِيهِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ قَلِيلًا ثُمَّ يَكْثُرُ وَصَغِيرًا ثُمَّ يَكْبُرُ‏.‏

فَظَهَرَ لِيَ اسْتِخْرَاجُ أَنْوَاعٍ لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهَا، وَزِيَادَاتٍ مُهِمَّاتٍ لَمْ يُسْتَوْفَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا، فَجَرَتِ الْهِمَّةُ إِلَى وَضْعِ كِتَابٍ فِي هَذَا الْعِلْمِ، وَأَجْمَعُ بِهِ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى- شَوَارِدَهُ، وَأَضُمُّ إِلَيْهِ فَوَائِدَهُ، وَأُنَظِّمُ فِي سِلْكِهِ فَرَائِدَهُ لِأَكُونَ فِي إِيجَادِ هَذَا الْعِلْمِ ثَانِيَ اثْنَيْنِ، وَوَاحِدًا فِي جَمْعِ الشَّتِيتِ مِنْهُ كَأَلْفٍ أَوْ كَأَلْفَيْنِ، وَمُصَيِّرًا فَنَّيِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ فِي اسْتِكْمَالِ التَّقَاسِيمِ إِلْفَيْنِ وَإِذْ بَرَزَ نُورُ كِمَامِهِ وَفَاحَ، وَطَلَعَ بَدَرُ كَمَالِهِ وَلَاحَ، وَأَذَّنَ فَجْرُهُ بِالصَّبَاحِ، وَنَادَى دَاعِيهِ بِالْفَلَاحِ، سَمَّيْتُهُ بـِ التَّحْبِيرِ فِي عُلُومِ التَّفْسِيرِ‏.‏ وَهَذِهِ فَهْرَسْتُ الْأَنْوَاعِ بَعْدَ الْمُقَدِّمَة‏:‏

النَّوْعُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي‏‏:‏ الْمَكِّيُّ وَالْمَدَنِيُّ‏‏.‏

وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ‏‏:‏ الْحَضَرِيُّ وَالسَّفَرِيُّ‏‏.‏

الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ‏‏:‏ النَّهَارِيُّ وَاللَّيْلِيُّ‏‏.‏

السَّابِعُ وَالثَّامِنُ‏‏:‏ الصَّيْفِيُّ وَالشِّتَائِيُّ‏‏.‏

التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ‏‏:‏ الْفِرَاشِيُّ وَالنَّوْمِيُّ‏‏.‏

الْحَادِيَ عَشَرَ‏‏:‏ أَسْبَابُ النُّزُولِ‏‏.‏

الثَّانِيَ عَشَرَ‏‏:‏ أَوَّلُ مَا نَزَلَ‏‏.‏

الثَّالِثَ عَشَرَ‏‏:‏ آخِرُ مَا نَزَلَ‏‏.‏

الرَّابِعَ عَشَرَ‏:‏ مَا عُرِفَ وَقْتُ نُزُولِهِ‏‏.‏

الْخَامِسَ عَشَرَ‏‏:‏ مَا أُنْزِلَ فِيهِ وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ‏‏.‏

السَّادِسَ عَشَرَ‏‏:‏ مَا أُنْزِلَ مِنْهُ عَلَى الْأَنْبِيَاء‏ِ‏.‏

السَّابِعَ عَشَرَ‏‏:‏ مَا تَكَرَّرَ نُزُولُهُ‏‏.‏

الثَّامِنَ عَشَرَ‏‏:‏ مَا نَزَلَ مُفَرَّقًا

التَّاسِعَ عَشَرَ‏‏:‏ مَا نَزَلَ جَمْعًا‏‏.‏

الْعِشْرُونَ‏‏:‏ كَيْفِيَّةُ إِنْزَالِهِ‏.‏

الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ الْمُتَوَاتِرُ‏.‏

الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ الْآحَادُ‏‏.‏

الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ الشَّاذُّ‏.‏

الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ قِرَاءَاتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ الرُّوَاةُ وَالْحُفَّاظُ‏‏.‏

السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ كَيْفِيَّةُ التَّحَمُّلِ‏‏.‏

الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ الْعَالِي وَالنَّازِلُ‏‏.‏

التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ الْمُسَلْسَلُ‏.‏

الثَّلَاثُونَ‏‏:‏ الِابْتِدَاءُ‏

الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ الْوَقْفُ‏‏.‏

الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ الْإِمَالَةُ‏‏.‏

الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ الْمَدُّ‏‏.‏

الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ تَخْفِيفُ الْهَمْزَةِ‏‏.‏

الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ الْإِدْغَامُ‏‏.‏

السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ الْإِخْفَاءُ‏‏.‏

السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ الْإِقْلَابُ‏.‏

الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ مَخَارِجُ الْحُرُوفِ‏.‏

التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ الْغَرِيبُ‏‏.‏

الْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ الْمُعَرَّبُ‏‏.‏

الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ الْمَجَازُ‏.‏

الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ الْمُشْتَرَكُ‏‏.‏

الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ‏:‏ الَمُتَرَادِفُ

الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ الْمُحْكَمُ وَالْمُتَشَابِهُ‏‏.‏

السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ الْمُشْكِلُ‏‏.‏

السَّابِعُ وَالثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ الْمُجْمَلُ وَالْمُبَيَّنُ‏‏.‏

التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ الِاسْتِعَارَةُ‏‏.‏

الْخَمْسُونَ‏‏:‏ التَّشْبِيهُ‏‏.‏

الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ‏‏:‏ الْكِنَايَةُ وَالتَّعْرِيضُ‏.‏

الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ‏‏:‏ الْعَامُّ الْبَاقِي عَلَى عُمُومِهِ‏‏.‏

الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ‏‏:‏ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ‏‏.‏

الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ‏‏:‏ الْعَامُّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ‏‏.‏

السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ‏‏:‏ مَا خَصَّ فِيهِ الْكِتَابُ السُّنَّةَ‏.‏

السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ‏‏:‏ مَا خَصَّتْ فِيهِ السُّنَّةُ الْكِتَابَ‏‏.‏

الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ‏‏:‏ الْمُئَوَّلُ‏‏.‏

التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ‏‏:‏ الْمَفْهُومُ‏‏.‏

السِّتُّونَ وَالْحَادِيُ وَالسِّتُّونَ‏‏:‏ الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ‏‏.‏

الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالسِّتُّونَ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ‏.‏

الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ‏‏:‏ مَا عَمِلَ بِهِ وَاحِدٌ، ثُمَّ نُسِخَ‏‏.‏

الْخَامِسُ وَالسِّتُّونَ‏‏:‏ مَا كَانَ وَاجِبًا عَلَى وَاحِدٍ‏‏.‏

السَّادِسُ وَالسَّابِعُ وَالثَّامِنُ وَالسِّتُّونَ‏‏:‏ الْإِيجَازُ وَالْإِطْنَابُ وَالْمُسَاوَاةُ‏‏.‏

التَّاسِعُ وَالسِّتُّونَ‏:‏ الْأَشْبَاهُ‏‏.‏

السَّبْعُونَ وَالْحَادِيُ وَالسَّبْعُونَ‏‏:‏ الْفَصْلُ وَالْوَصْلُ‏‏.‏

الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ‏‏:‏ الْقَصْرُ‏‏.‏

الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ‏‏:‏ الِاحْتِبَاكُ‏‏.‏

الرَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ‏‏:‏ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ‏‏.‏

الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ وَالسَّبْعُونَ‏‏:‏ الْمُطَابَقَةُ وَالْمُنَاسَبَةُ وَالْمُجَانَسَةُ‏‏.‏

الثَّامِنُ وَالتَّاسِعُ وَالسَّبْعُونَ‏‏:‏ التَّوْرِيَةُ وَالِاسْتِخْدَامُ‏‏.‏

الثَّمَانُونَ‏‏:‏ اللَّفُّ وَالنَّشْر‏ُ‏.‏

الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ‏‏:‏ الِالْتِفَاتُ‏‏.‏

الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ‏‏:‏ الْفَوَاصِلُ وَالْغَايَاتُ‏.‏

الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ وَالثَّمَانُونَ‏‏:‏ أَفْضَلُ الْقُرْآنِ وَفَاضِلُهُ وَمَفْضُولُهُ‏‏.‏

السَّادِسُ وَالثَّمَانُونَ‏‏:‏ مُفْرَدَاتُ الْقُرْآنِ‏‏.‏

السَّابِعُ وَالثَّمَانُونَ‏‏:‏ الْأَمْثَالُ‏‏.‏

الثَّامِنُ وَالتَّاسِعُ وَالثَّمَانُونَ‏‏:‏ آدَابُ الْقَارِئِ وَالْمُقْرِئِ‏‏.‏

التِّسْعُونَ آدَابُ الْمُفَسِّرِ‏‏.‏

الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ‏‏:‏ مَنْ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ وَمَنْ يُرَدُّ‏‏.‏

الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ‏‏:‏ غَرَائِبُ التَّفْسِيرِ‏‏.‏

الثَّالِثُ وَالتِّسْعُونَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ الْمُفَسِّرِينَ‏‏.‏

الرَّابِعُ وَالتِّسْعُونَ‏‏:‏ كِتَابَةُ الْقُرْآن‏ِ‏.‏

الْخَامِسُ وَالتِّسْعُونَ‏‏:‏ تَسْمِيَةُ السُّوَرِ‏.‏

السَّادِسُ وَالتِّسْعُونَ‏‏:‏ تَرْتِيبُ الْآيِ وَالسُّوَر‏ِ‏.‏

السَّابِعُ وَالثَّامِنُ وَالتَّاسِعُ وَالتِّسْعُونَ‏‏:‏ الْأَسْمَاءُ وَالْكُنَى وَالْأَلْقَابُ‏‏.‏

الْمِائَة‏ُ‏:‏ الْمُبْهَمَاتُ‏‏.‏

الْأَوَّلُ بَعْدَ الْمِائَة‏:‏ أَسْمَاءُ مَنْ نَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ‏‏.‏

الثَّانِي بَعْدَ الْمِائَة‏:‏ التَّارِيخ‏ُ‏.‏

وَهَذَا آخِرُ مَا ذَكَرْتُهُ فِي خُطْبَةِ التَّحْبِيرِ‏.‏ وَقَدْ تَمَّ هَذَا الْكِتَابُ- وَلِلَّهِ الْحَمْدُ- مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَكَتَبَهُ مَنْ هُوَ فِي طَبَقَةِ أَشْيَاخِي مِنْ أُولِي التَّحْقِيقِ‏‏.‏

ثُمَّ خَطَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ أُؤَلِّفَ كِتَابًا مَبْسُوطًا، وَمَجْمُوعًا مَضْبُوطًا، أَسْلُكُ فِيهِ طَرِيقَ الْإِحْصَاءِ، وَأَمْشِي فِيهِ عَلَى مِنْهَاجِ الِاسْتِقْصَاءِ‏.‏ هَذَا كُلُّهُ وَأَنَا أَظُنُّ أَنِّي مُتَفَرِّدٌ بِذَلِكَ، غَيْرُ مَسْبُوقٍ بِالْخَوْضِ فِي هَذِهِ الْمَسَالِكِ، فَبَيْنَا أَنَا أُجِيلُ فِي ذَلِكَ فِكْرًا، أُقَدِّمُ رِجْلًا وَأُؤَخِّرُ أُخْرَى، إِذْ بَلَغَنِي أَنَّ الشَّيْخَ الْإِمَامَ بَدْرَ الدِّينِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الزَّرْكَشِيَّ، أَحَدَ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيِّينَ، أَلَّفَ كِتَابًا فِي ذَلِكَ حَافِلًا، يُسَمَّى الْبُرْهَانُ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ، فَتَطَلَّبْتُهُ حَتَّى وَقَفْتُ عَلَيْهِ، فَوَجَدْتُهُ، قَالَ فِي خُطْبَتِه‏:‏

لَمَّا كَانَتْ عُلُومُ الْقُرْآنِ لَا تُحْصَى، وَمَعَانِيهَا لا تُسْتَقْصَى، وَجَبَتِ الْعِنَايَةُ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ‏.‏ وَمِمَّا فَاتَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَضْعُ كِتَابٍ يَشْتَمِلُ عَلَى أَنْوَاعِ عُلُومِهِ، كَمَا وَضَعَ النَّاسُ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْمِ الْحَدِيثِ؛ فَاسْتَخَرْتُ اللَّهَ تَعَالَى- وَلَهُ الْحَمْدُ- فِي وَضْعِ كِتَابٍ فِي ذَلِكَ، جَامِعٍ لِمَا تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي فُنُونِهِ، وَخَاضُوا فِي نُكَتِهِ وَعُيُونِهِ، وَضَمَّنْتُهُ مِنَ الْمَعَانِي الْأَنِيقَةِ وَالْحِكَمِ الرَّشِيقَةِ مَا بَهَرَ الْقُلُوبَ عَجَبًا، لِيَكُونَ مِفْتَاحًا لِأَبْوَابِهِ، عُنْوَانًا فِي كِتَابِهِ، مُعِينًا لِلْمُفَسِّرِ عَلَى حَقَائِقِهِ، مُطَّلِعًا عَلَى بَعْضِ أَسْرَارِهِ وَدَقَائِقِهِ، وَسَمَّيْتُهُ الْبُرْهَانُ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ وَهَذِهِ فَهْرَسَتُ أَنْوَاعِه‏:‏

النَّوْعُ الْأَوَّلُ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ سَبَبِ النُّزُول‏ِ‏.‏

الثَّانِي‏‏:‏ مَعْرِفَةُ الْمُنَاسَبَاتِ بَيْنَ الْآيَاتِ‏‏.‏

الثَّالِثُ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ الْفَوَاصِلِ‏‏.‏

الرَّابِعُ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ الْوُجُوهِ وَالنَّظَائِرِ‏‏.‏

الْخَامِسُ‏‏:‏ عِلْمُ الْمُتَشَابِهِ‏‏.‏

السَّادِسُ‏‏:‏ عِلْمُ الْمُبْهَمَاتِ‏‏.‏

السَّابِعُ‏‏:‏ فِي أَسْرَارِ الفواتح‏.‏

الثَّامِنُ‏‏:‏ فِي خَوَاتِمِ السُّوَرِ‏‏.‏

التَّاسِعُ‏‏:‏ فِي مَعْرِفَةِ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ‏‏.‏

الْعَاشِرُ‏‏:‏ فِي مَعْرِفَةِ أَوَّلِ مَا نَزَلَ‏‏.‏

الْحَادِيَ عَشَرَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ عَلَى كَمْ لُغَةٍ نَزَلَ‏‏.‏

الثَّانِيَ عَشَرَ‏‏:‏ فِي كَيْفِيَّةِ إِنْزَالِهِ‏‏.‏

الثَّالِثَ عَشَرَ‏:‏ بَيَانُ جَمْعِهِ، وَمَنْ حَفِظَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ‏‏.‏

الرَّابِعَ عَشَرَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ تَقْسِيمِهِ‏‏.‏

الْخَامِسَ عَشَرَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ أَسْمَائِهِ‏‏.‏

السَّادِسَ عَشَرَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ لُغَةِ الْحِجَازِ‏‏.‏

السَّابِعَ عَشَرَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ مَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ‏‏.‏

الثَّامِنَ عَشَرَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ غَرِيبِهِ‏‏.‏

التَّاسِعَ عَشَرَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ التَّصْرِيفِ‏‏.‏

الْعِشْرُونَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ الْأَحْكَامِ‏‏.‏

الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ كَوْنِ اللَّفْظِ أَوِ التَّرْكِيبِ أَحْسَنَ وَأَفْصَحَ

الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ اخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ‏.‏

الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ تَوْجِيهِ الْقُرْآنِ‏‏.‏

الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ الْوَقْفِ‏‏.‏

الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ عِلْمُ مَرْسُومِ الْخَطِّ‏‏.‏

السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ مَعْرِفَةُ فَضَائِلِهِ‏‏.‏

السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ خَوَاصِّهِ‏‏.‏

الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ هَلْ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنْ شَيْءٍ‏؟‏‏‏.‏

التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ فِي آدَابِ تِلَاوَتِهِ‏‏.‏

الثَّلَاثُونَ‏‏:‏ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ فِي التَّصَانِيفِ وَالرَّسَائِلِ وَالْخُطَبِ اسْتِعْمَالُ بَعْضِ آيَاتِ الْقُرْآنِ‏؟‏‏.‏

الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ الْأَمْثَالِ الْكَامِنَةِ فِيهِ‏‏.‏

الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ أَحْكَامِهِ‏‏.‏

الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ جَدَلِهِ‏‏.‏

الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ‏:‏ مَعْرِفَةُ نَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ‏‏.‏

الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ مُوهِمِ الْمُخْتَلِف‏ِ‏.‏

السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ الْمُحْكَمِ مِنَ الْمُتَشَابِه‏ِ‏.‏

السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ فِي حُكْمِ الْآيَاتِ الْمُتَشَابِهَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الصِّفَاتِ‏‏.‏

الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ إِعْجَازِهِ‏‏.‏

التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ وُجُوبِ مُتَوَاتِرِهِ‏‏.‏

الْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ فِي بَيَانِ مُعَاضَدَةِ السُّنَّةِ وَالْكِتَابِ‏‏.‏

الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ تَفْسِيرِهِ‏‏.‏

الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ وُجُوهِ الْمُخَاطَبَاتِ

الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ بَيَانُ حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ‏‏.‏

الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ فِي الْكِنَايَاتِ وَالتَّعْرِيض‏ِ‏.‏

الْخَامِسَ وَالْأَرْبَعُونَ‏:‏ فِي أَقْسَامِ مَعْنَى الْكَلَامِ‏.‏

السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ‏:‏ فِي ذِكْرِ مَا تَيَسَّرَ مِنْ أَسَالِيبِ الْقُرْآنِ‏.‏

السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ فِي مَعْرِفَةِ الْأَدَوَات‏ِ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَا مِنْ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ إِلَّا وَلَوْ أَرَادَ الْإِنْسَانُ اسْتِقْصَاءَهُ لَاسْتَفْرَغَ عُمْرَهُ ثُمَّ لَمْ يَحْكُمْ أَمْرَهُ، وَلَكِنِ اقْتَصَرْنَا مِنْ كُلِّ نَوْعٍ عَلَى أُصُولِهِ، وَالرَّمْزِ إِلَى بَعْضِ فُصُولِهِ؛ فَإِنَّ الصِّنَاعَةَ طَوِيلَةٌ وَالْعُمُرَ قَصِيرٌ، وَمَاذَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَ لِسَانُ التَّقْصِيرِ‏‏.‏

هَذَا آخَرُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيِّ فِي خُطْبَتِهِ‏‏.‏

وَلَمَّا وَقَفْتُ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ ازْدَدْتُ بِهِ سُرُورًا، وَحَمِدْتُ اللَّهَ كَثِيرًا، وَقَوِيَ الْعَزْمُ عَلَى إِبْرَازِ مَا أَضْمَرْتُهُ، وَشَدَدْتُ الْحَزْمَ فِي إِنْشَاءِ التَّصْنِيفِ الَّذِي قَصَدْتُهُ، فَوَضَعْتُ هَذَا الْكِتَابَ الْعَلِيَّ الشَّأْنِ، الْجَلِيَّ الْبُرْهَانِ، الْكَثِيرَ الْفَوَائِدِ وَالْإِتْقَانِ، وَرَتَّبْتُ أَنْوَاعَهُ تَرْتِيبًا أَنْسَبَ مِنْ تَرْتِيبِ الْبُرْهَانِ، وَأَدْمَجْتُ بَعْضَ الْأَنْوَاعِ فِي بَعْضٍ، وَفَصَلْتُ مَا حَقُّهُ أَنْ يُبَانَ، وَزِدْتُهُ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْفَوَائِدِ وَالْفَرَائِدِ، وَالْقَوَاعِدِ وَالشَّوَارِدِ، مَا يُشَنِّفُ الْآذَانَ، وَسَمَّيْتُهُ‏:‏ الْإِتْقَانَ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ‏.‏ وَسَتَرَى فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْهُ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى- مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ بِالتَّصْنِيفِ مُفْرَدًا، وَسَتُرْوَى مِنْ مَنَاهِلِهِ الْعَذْبَةِ رِيًّا لَا ظَمَأَ بَعْدَهُ أَبَدًا‏.‏ وَقَدْ جَعَلْتُهُ مُقَدِّمَةً لِلتَّفْسِيرِ الْكَبِيرِ الَّذِي شَرَعْتُ فِيهِ‏.‏ وَسَمَّيْتُهُ بـ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَمَطْلَعِ الْبَدْرَيْنِ، الْجَامِعِ لِتَحْرِيرِ الرِّوَايَةِ، وَتَقْرِيرِ الدِّرَايَةِ‏.‏

وَمِنَ اللَّهِ أَسْتَمِدُّ التَّوْفِيقَ وَالْهِدَايَةَ، وَالْمَعُونَةَ وَالرِّعَايَةَ، إِنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ، وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْهِ أُنِيبُ‏‏.‏

‏[‏فِهْرِسْتُ لِأَنْوَاعِ الْكِتَابِ‏]‏

وَهَذِهِ فَهْرَسَةُ أَنْوَاعِه‏:‏

النَّوْعُ الْأَوَّلُ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ‏‏.‏

الثَّانِي‏‏:‏ مَعْرِفَةُ الْحَضَرِيِّ وَالسَّفَرِيِّ‏‏.‏

الثَّالِثُ‏‏:‏ النَّهَارِيُّ وَاللَّيْلِيُّ‏.‏

الرَّابِعُ‏‏:‏ الصَّيْفِيُّ وَالشِّتَائِيُّ‏‏.‏

الْخَامِسُ‏‏:‏ الْفِرَاشِيُّ وَالنَّوْمِيُّ‏‏.‏

السَّادِسُ‏:‏ الْأَرْضِيُّ وَالسَّمَائِيُّ‏‏.‏

السَّابِعُ‏‏:‏ أَوَّلُ مَا نَزَلَ‏‏.‏

الثَّامِنُ‏‏:‏ آخِرُ مَا نَزَلَ‏‏.‏

التَّاسِعُ‏‏:‏ أَسْبَابُ النُّزُولِ‏‏.‏

الْعَاشِرُ‏‏:‏ مَا نَزَلَ عَلَى لِسَانِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ‏‏.‏

الْحَادِيَ عَشَرَ‏‏:‏ مَا تَكَرَّرَ نُزُولُهُ‏‏.‏

الثَّانِيَ عَشَرَ‏‏:‏ مَا تَأَخَّرَ حُكْمُهُ عَنْ نُزُولِهِ وَمَا تَأَخَّرَ نُزُولُهُ عَنْ حُكْمِهِ‏‏.‏

الثَّالِثَ عَشَرَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ مَا نَزَلَ مُفَرَّقًا وَمَا نَزَلَ جَمْعًا‏‏.‏

الرَّابِعَ عَشَرَ‏‏:‏ مَا نَزَلَ مُشَيَّعًا وَمَا نَزَلَ مُفْرَدًا‏‏.‏

الْخَامِسَ عَشَرَ‏‏:‏ مَا أُنْزِلَ مِنْهُ عَلَى بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَا لَمْ يُنَزَّلْ مِنْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

السَّادِسَ عَشَرَ‏‏:‏ فِي كَيْفِيَّةِ إِنْزَالِهِ‏‏.‏

السَّابِعَ عَشَرَ‏‏:‏ فِي مَعْرِفَةِ أَسْمَائِهِ وَأَسْمَاءِ سُوَرِهِ‏‏.‏

الثَّامِنَ عَشَرَ‏‏:‏ فِي جَمْعِهِ وَتَرْتِيبِهِ‏‏.‏

التَّاسِعَ عَشَرَ‏‏:‏ فِي عَدَدِ سُوَرِهِ وَآيَاتِهِ وَكَلِمَاتِهِ وَحُرُوفِهِ‏‏.‏

الْعِشْرُونَ‏‏:‏ فِي حُفَّاظِهِ وَرُوَاتِهِ‏‏.‏

الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ فِي الْعَالِي وَالنَّازِلِ‏‏.‏

الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ مَعْرِفَةُ الْمُتَوَاتِر‏ِ‏.‏

الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ فِي الْمَشْهُورِ‏‏.‏

الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ فِي الْآحَادِ‏‏.‏

الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ فِي الشَّاذِّ‏‏.‏

السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ الْمَوْضُوعُ‏‏.‏

السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ الْمُدْرَجُ‏‏.‏

الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ فِي مَعْرِفَةِ الْوَقْفِ وَالِابْتِدَاءِ‏‏.‏

التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ‏‏:‏ فِي بَيَانِ الْمَوْصُولِ لَفْظًا الْمَفْصُولِ مَعْنًى‏‏.‏

الثَّلَاثُونَ‏‏:‏ فِي الْإِمَالَةِ وَالْفَتْحِ وَمَا بَيْنَهُمَا‏‏.‏

الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ فِي الْإِدْغَامِ وَالْإِظْهَارِ وَالْإِخْفَاءِ وَالْإِقْلَابِ‏‏.‏

الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ فِي الْمَدِّ وَالْقَصْرِ‏‏.‏

الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ فِي تَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ‏‏.‏

الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ فِي كَيْفِيَّةِ تَحَمُّلِهِ‏‏.‏

الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ فِي آدَابِ تِلَاوَتِهِ‏‏.‏

السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ فِي مَعْرِفَةِ غَرِيبِهِ‏‏.‏

السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ بِغَيْرِ لُغَةِ الْحِجَازِ‏‏.‏

الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ بِغَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ‏‏.‏

التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ‏‏:‏ فِي مَعْرِفَةِ الْوُجُوهِ وَالنَّظَائِرِ‏‏.‏

الْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ فِي مَعْرِفَةِ مَعَانِي الْأَدَوَاتِ الَّتِي يَحْتَاجُ إِلَيْهَا الْمُفَسِّرُ‏‏.‏

الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ فِي مَعْرِفَةِ إِعْرَابِهِ‏‏.‏

الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ فِي قَوَاعِدَ مُهِمَّةٍ يَحْتَاجُ الْمُفَسِّرُ إِلَى مَعْرِفَتِهَا‏‏.‏

الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ فِي الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ‏‏.‏

الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ فِي مُقَدَّمِهِ وَمُؤَخَّرِهِ‏‏.‏

الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ فِي خَاصِّهِ وَعَامِّهِ‏‏.‏

السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ فِي مُجْمَلِهِ وُمُبَيَّنِهِ‏‏.‏

السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ فِي نَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ‏.‏

الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ فِي مُشْكِلِهِ وَمُوهِمِ الِاخْتِلَافِ وَالتَّنَاقُضِ‏‏.‏

التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ‏‏:‏ فِي مُطْلَقِهِ وَمُقَيَّدِهِ‏‏.‏

الْخَمْسُونَ‏‏:‏ فِي مَنْطُوقِهِ وَمَفْهُومِهِ‏‏.‏

الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ‏‏:‏ فِي وُجُوهِ مُخَاطَبَاتِه‏ِ‏.‏

الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ‏‏:‏ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ‏‏.‏

الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ‏‏:‏ فِي تَشْبِيهِهِ وَاسْتِعَارَتِهِ‏‏.‏

الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ‏‏:‏ فِي كِنَايَاتِهِ وَتَعْرِيضِهِ‏‏.‏

الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ‏‏:‏ فِي الْحَصْرِ وَالِاخْتِصَاصِ‏‏.‏

السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ‏‏:‏ فِي الْإِيجَازِ وَالْإِطْنَابِ‏‏.‏

السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ‏‏:‏ فِي الْخَبَرِ وَالْإِنْشَاءِ‏‏.‏

الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ‏‏:‏ فِي بَدَائِعِ الْقُرْآنِ‏‏.‏

التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ‏‏:‏ فِي فَوَاصِلِ الْآيِ‏‏.‏

السِّتُّونَ‏‏:‏ فِي فَوَاتِحِ السُّوَرِ‏‏.‏

الْحَادِي وَالسِّتُّونَ‏‏:‏ فِي خَوَاتِمِ السُّوَرِ‏‏.‏

الثَّانِي وَالسِّتُّونَ‏‏:‏ فِي مُنَاسَبَةِ الْآيَاتِ وَالسُّوَرِ‏‏.‏

الثَّالِثُ وَالسِّتُّونَ‏‏:‏ فِي الْآيَاتِ الْمُشْتَبِهَاتِ‏‏.‏

الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ‏‏:‏ فِي إِعْجَازِ الْقُرْآنِ‏‏.‏

الْخَامِسُ وَالسِّتُّونَ‏‏:‏ فِي الْعُلُومِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنَ الْقُرْآنِ‏‏.‏

السَّادِسُ وَالسِّتُّونَ‏‏:‏ فِي أَمْثَالِهِ‏‏.‏

السَّابِعُ وَالسِّتُّونَ‏‏:‏ فِي أَقْسَامِهِ‏‏.‏

الثَّامِنُ وَالسِّتُّونَ‏‏:‏ فِي جَدَلِهِ‏‏.‏

التَّاسِعُ وَالسِّتُّونَ‏‏:‏ فِي الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى وَالْأَلْقَابِ‏‏.‏

السَّبْعُونَ‏‏:‏ فِي مُبْهَمَاتِهِ‏‏.‏

الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ‏‏:‏ فِي أَسْمَاءِ مَنْ نَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ‏.‏

الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ‏‏:‏ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ‏‏.‏

الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ‏‏:‏ فِي أَفْضَلِ الْقُرْآنِ وَفَاضِلِهِ‏‏.‏

الرَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ‏‏:‏ فِي مُفْرَدَاتِ الْقُرْآنِ‏‏.‏

الْخَامِسُ وَالسَّبْعُونَ‏‏:‏ فِي خَوَاصِّهِ‏‏.‏

السَّادِسُ وَالسَّبْعُونَ‏‏:‏ فِي رُسُومِ الْخَطِّ وَآدَابِ كِتَابَتِهِ‏‏.‏

السَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ‏‏:‏ فِي مَعْرِفَةِ تَأْوِيلِهِ وَتَفْسِيرِهِ وَبَيَانِ شَرَفِهِ وَالْحَاجَةِ إِلَيْهِ‏‏.‏

الثَّامِنُ وَالسَّبْعُونَ‏‏:‏ فِي شُرُوطِ الْمُفَسِّرُ وَآدَابِهِ‏‏.‏

التَّاسِعُ وَالسَّبْعُونَ‏‏:‏ فِي غَرَائِبِ التَّفْسِيرِ‏‏.‏

الثَّمَانُونَ‏‏:‏ فِي طَبَقَاتِ الْمُفَسِّرِينَ‏‏.‏

فَهَذِهِ ثَمَانُونَ نَوْعًا عَلَى سَبِيلِ الْإِدْمَاجِ، وَلَوْ نَوَّعْتُ بِاعْتِبَارِ مَا أَدْمَجْتُهُ فِي ضِمْنِهَا لَزَادَتْ عَلَى الثَّلَاثِمِائَةِ، وَغَالِبُ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ فِيهَا تَصَانِيفُ مُفْرَدَةٌ، وَقَفْتُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْهَا‏‏.‏

وَمِنَ الْمُصَنَّفَاتِ فِي مِثْلِ هَذَا النَّمَطِ، وَلَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ مِثْلَهُ وَلَا قَرِيبًا مِنْهُ، وَإِنَّمَا هِيَ طَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ وَنُبْذَةٌ قَصِيرَةٌ‏‏:‏

فُنُونُ الْأَفْنَانِ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ‏.‏

وَجَمَالُ الْقُرَّاءِ لِلشَّيْخِ عَلَمِ الدِّينِ السَّخَاوِيِّ‏‏.‏

وَالْمُرْشِدُ الْوَجِيزُ فِي عُلُومٍ تَتَعَلَّقُ بِالْقُرْآنِ الْعَزِيزِ لِأَبِي شَامَةَ‏‏.‏

وَالْبُرْهَانُ فِي مُشْكِلَاتِ الْقُرْآنِ لِأَبِي الْمَعَالِي عَزِيزِيُّ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَعْرُوفُ بِشَيْذَلَةَ‏‏.‏

وَكُلُّهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى نَوْعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ كَحَبَّةِ رَمْلٍ فِي جَنْبِ رَمْلٍ عَالِجٍ، وَنُقْطَةِ قَطْرٍ فِي خَيَالِ بَحْرٍ زَاخِرٍ‏‏.‏

‏[‏مَصَادِرُ الْمُصَنِّفِ فِي الْكِتَابِ‏]‏

وَهَذِهِ أَسْمَاءُ الْكُتُبِ الَّتِي نَظَرْتُهَا عَلَى هَذَا الْكِتَابِ، وَلَخَّصْتُهُ مِنْهَا‏:‏

فَمِنَ الْكُتُبِ النَّقْلِيَّة‏:‏

تَفْسِيرُ ابْنِ جَرِيرٍ، وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنِ مَرْدَوَيْهِ، وَأَبِي الشَّيْخِ بْنِ حَيَّانَ، وَالْفِرْيَابِيِّ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ- وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ سُنَنِهِ- وَالْحَاكِمِ- وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ مُسْتَدْرَكِهِ- وَتَفْسِيرُ الْحَافِظِ عِمَادِ الدِّينِ بْنِ كَثِيرٍ، وَفَضَائِلُ الْقُرْآنِ لِأَبِي عُبَيْدٍ، وَفَضَائِلُ الْقُرْآنِ لِابْنِ الضُّرَيْسِ، وَفَضَائِلُ الْقُرْآنِ لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، الْمَصَاحِفُ لِابْنِ أَبِي دَاوُدَ، الْمَصَاحِفُ لِابْنِ أَشْتَةَ، الرَّدُّ عَلَى مَنْ خَالَفَ مُصْحَفَ عُثْمَانَ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ الْأَنْبَارِيِّ، أَخْلَاقُ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ لِلْآجُرِّيِّ، التِّبْيَانُ فِي آدَابِ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ لِلنَّوَوِيِّ، شَرْحُ الْبُخَارِيِّ لِابْنِ حَجَرٍ‏‏.‏

وَمِنْ جَوَامِعِ الْحَدِيثِ وَالْمَسَانِيدِ مَا لَا يُحْصَى‏‏.‏

وَمِنْ كُتُبِ الْقِرَاءَاتِ وَتَعَلُّقَاتِ الْأَدَاء‏:‏

جَمَالُ الْقُرَّاءِ لِلسَّخَاوِيِّ، النَّشْرُ وَالتَّقْرِيبُ لِابْنِ الْجَزَرِيِّ، وَالْكَامِلُ لِلْهُذَلِيِّ، الْإِرْشَادُ فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ لِلْوَاسِطِيِّ، الشَّوَاذُّ لِابْنِ غَلْبُونَ، الْوَقْفُ وَالِابْتِدَاءُ لِابْنِ الْأَنْبَارِيِّ وَلِلسَّجَاوَنْدِيِّ وَلِلنَّحَّاسِ وَلِلدَّانِي وَلِلْعَمَّانِيِّ وَلِابْنِ النِّكْزَاوِيِّ قُرَّةُ الْعَيْنِ فِي الْفَتْحِ وَالْإِمَالَةِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ لِابْنِ الْقَاصِحِ‏‏.‏

وَمِنْ كُتُبِ اللُّغَاتِ وَالْغَرِيبِ وَالْعَرَبِيَّةِ وَالْإِعْرَاب‏:‏

مُفْرَدَاتُ الْقُرْآنِ لِلرَّاغِبِ، غَرِيبُ الْقُرْآنِ لِابْنِ قُتَيْبَةَ وَلِلْعُزَيْزِيِّ، الْوُجُوهُ وَالنَّظَائِرُ لِلنَّيْسَابُورِيِّ وَلِابْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِي الْقُرْآنِ لِأَبِي حَسَنِ الْأَخْفَشِ الْأَوْسَطِ، الزَّاهِرُ لِابْنِ الْأَنْبَارِيِّ، شَرْحُ التَّسْهِيلِ وَالِارْتِشَافِ لِأَبِي حَيَّانَ، الْمُغْنِي لِابْنِ هِشَامٍ، الْجَنَى الدَّانِيُّ فِي حُرُوفِ الْمَعَانِي لِابْنِ أُمِّ قَاسِمٍ، إِعْرَابُ الْقُرْآنِ لِأَبِي الْبَقَاءِ وَلِلسَّمِينِ وَلِلسَّفَاقِسِيِّ وَلِمُنْتَخَبِ الدِّينِ، الْمُحْتَسِبُ فِي تَوْجِيهِ الشَّوَاذِّ لِابْنِ جِنِّيٍّ، الْخَصَائِصُ لَهُ، الْخَاطِرِيَّاتُ لَهُ، ذَا الْقَدِّ لَهُ، أَمَالِي ابْنِ الْحَاجِبِ، الْمُعْرَّبُ لِلْجَوَالِيقِيِّ، مُشْكِلُ الْقُرْآنِ لِابْنِ قُتَيْبَةَ، اللُّغَاتُ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنِ لِأَبِي الْقَاسِمِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، الْغَرَائِبُ وَالْعَجَائِبُ لِلْكَرْمَانِيِّ، قَوَاعِدُ فِي التَّفْسِيرِ لِابْنِ تَيْمِيَةَ‏.‏

وَمِنْ كُتُبِ الْأَحْكَامِ وَتَعَلُّقَاتِهَا‏‏:‏

أَحْكَامُ الْقُرْآنِ لِإِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي، وَلِبَكْرِ بْنِ الْعَلَاءِ وَلِأَبِي بَكْرِ الرَّازِيِّ، وَلِلْكِيَا الْهَرَّاسِيِّ، وَلِابْنِ الْعَرَبِيِّ، وَلِابْنِ الْفَرَسِ، وَلِابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادَ‏.‏ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ لِمَكِّيِّ، وَلِابْنِ الْحَصَّارِ، وَلِلسَّعِيدِيِّ، وَلِأَبِي جَعْفَرٍ النَّحَّاسِ، وَلِابْنِ الْعَرَبِيِّ، وَلِأَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ، وَلِأَبِي عُبَيْدِ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ، وَلِأَبِي مَنْصُورٍ عَبْدِ الْقَاهِرِ بْنِ طَاهِرٍ التَّمِيمِيِّ‏‏.‏ الْإِمَامُ فِي أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ لِلشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبَدِ السَّلَامِ‏‏.‏

وَمِنَ الْكُتُبِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِعْجَازِ وَفُنُونِ الْبَلَاغَة‏:‏

إِعْجَازُ الْقُرْآنِ لِلْخَطَّابِيِّ، وَلِلرُّمَّانِيِّ، وَلِابْنِ سُرَاقَةَ، وَلِلْقَاضِي أَبِي بَكْرِ الْبَاقِلَانِيِّ، وَلِعَبْدِ الْقَاهِرِ الْجُرْجَانِيِّ، وَلِلْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ، وَلِابْنِ أَبِي الْأُصْبُعِ- وَاسْمُهُ الْبُرْهَانُ- وَلِلزَّمْلَكَانِيِّ- وَاسْمُهُ الْبُرْهَانُ أَيْضًا- وَمُخْتَصَرُهُ لَهُ- وَاسْمُهُ الْمَجِيدُ- مَجَازُ الْقُرْآنِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَام‏‏ِ، الْإِيجَازُ فِي الْمَجَازِ لِابْنِ الْقَيِّمِ، نِهَايَةُ التَّأْمِيلِ فِي أَسْرَارِ التَّنْزِيلِ لِلزَّمْلَكَانِيِّ‏، التِّبْيَانُ فِي الْبَيَانِ لَهُ، الْمَنْهَجُ الْمُفِيدُ فِي أَحْكَامِ التَّوْكِيدِ لَهُ، بَدَائِعُ الْقُرْآنِ لِابْنِ أَبِي الْأُصْبُعِ، التَّحْبِيرُ لَهُ، الْخَوَاطِرُ السَّوَانِحُ فِي أَسْرَارِ الْفَوَاتِحِ لَهُ، أَسْرَارُ التَّنْزِيلِ لِلشَّرَفِ الْبَارِزِيِّ الْأَقْصَى الْقَرِيبُ لِلتَّنُوخِيِّ‏، مِنْهَاجُ الْبُلَغَاءِ لِحَازِمٍ‏، الْعُمْدَةُ لِابْنِ رَشِيقٍ‏، الصِّنَاعَتَيْنِ لِلْعَسْكَرِيِّ‏، الْمِصْبَاحُ لِبَدْرِ الدِّينِ بْنِ مَالِكٍ‏، التِّبْيَانُ لِلطَّيِّبِيِّ‏، الْكِنَايَاتُ لِلْجُرْجَانِيِّ‏، الْإِغْرِيضُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْكِنَايَةِ وَالتَّعْرِيضِ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ السُّبْكِيِّ‏.‏ الِاقْتِنَاصُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَصْرِ وَالِاخْتِصَاصِ لَهُ، عَرُوسُ الْأَفْرَاحِ لِوَلَدِهِ بَهَاءِ الدِّينِ‏، رَوْضُ الْأَفْهَامِ فِي أَقْسَامِ الِاسْتِفْهَامِ لِلشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ بْنِ الصَّائِغِ‏‏، نَشْرُ الْعَبِيرِ فِي إِقَامَةِ الظَّاهِرِ مَقَامَ الضَّمِيرِ لَهُ، الْمُقَدِّمَةُ فِي سِرِّ الْأَلْفَاظِ لَهُ‏، إِحْكَامُ الرَّايِ فِي أَحْكَامِ الْآيِ لَهُ‏، مُنَاسَبَاتُ تَرْتِيبِ السُّوَرِ لِأَبِي جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَوَاصِلُ الْآيَاتِ لِلطُّوفِيِّ، الْمَثَلُ السَّائِرُ لِابْنِ الْأَثِيرِ‏، الْفَلَكُ الدَّائِرُ عَلَى الْمَثَلِ السَّائِرِ‏، كَنْزُ الْبَرَاعَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ‏، شَرْحُ بَدِيعِ قُدَامَةَ لِلْمُوَفَّقِ عَبْدِ اللَّطِيفِ‏‏.‏

وَمِنَ الْكُتُبِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْأَنْوَاع‏:‏

الْبُرْهَانُ فِي مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ لِلْكَرْمَانِيِّ، دُرَّةُ التَّنْزِيلِ وَغُرَّةُ التَّأْوِيلِ فِي الْمُتَشَابِهِ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ، كَشْفُ الْمَعَانِي فِي الْمُتَشَابِهِ الْمَثَانِي لِلْقَاضِي بَدْرِ الدِّينِ بْنِ جَمَاعَةٍ، أَمْثَالُ الْقُرْآنِ لِلْمَاوَرْدِيِّ، أَقْسَامُ الْقُرْآنِ لِابْنِ الْقَيِّمِ، جَوَاهِرُ الْقُرْآنِ لِلْغَزَالِيِّ، التَّعْرِيفُ وَالْإِعْلَامُ فِيمَا وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالْأَعْلَامِ لِلسُّهَيْلِيِّ، الذَّيْلُ عَلَيْهِ لِابْنِ عَسَاكِرَ، التِّبْيَانُ فِي مُبْهَمَاتِ الْقُرْآنِ لِلْقَاضِي بَدْرِ الدِّينِ بْنِ جَمَاعَةَ، أَسْمَاءُ مِنْ نَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ لِإِسْمَاعِيلَ الضَّرِيرِ، ذَاتُ الرُّشْدِ فِي عَدَدِ الْآيِ وَشَرْحِهَا لِلْمَوْصِلِيِّ، شَرْحُ آيَاتِ الصِّفَاتِ لِابْنِ اللَّبَّانِ، الدُّرُّ النَّظِيمُ فِي مَنَافِعِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ لِلْيَافِعِيِّ‏‏.‏

وَمِنْ كُتُبِ الرَّسْم‏:‏

الْمُقَنَّعُ لِلدَّانِيِّ، شَرْحُ الرَّائِيَةِ لِلسَّخَاوِيِّ، شَرْحُهَا لِابْنِ جُبَارَةَ‏‏.‏

وَمِنَ الْكُتُبِ الْجَامِعَة‏:‏

بَدَائِعُ الْفَوَائِدِ لِابْنِ الْقَيِّمِ، كَنْزُ الْفَوَائِدِ لِلشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، الْغُرَرُ وَالدُّرَرُ لِلشَّرِيفِ الْمُرْتَضَى، تَذْكِرَةُ الْبَدْرِ بْنِ الصَّاحِبِ، جَامِعُ الْفُنُونِ لِابْنِ شَبِيبٍ الْحَنْبَلِيِّ، النَّفِيسُ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ، الْبُسْتَانُ لِأَبِي اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيِّ‏‏.‏

وَمِنْ تَفَاسِيرِ غَيْرِ الْمُحَدِّثِينَ‏‏:‏

الْكَشَّافُ وَحَاشِيَتُهُ لِلطَّيِّبِيِّ، تَفْسِيرُ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ، تَفْسِيرُ الْأَصْبِهَانِيِّ وَالْحَوْفِيِّ، وَأَبِي حَيَّانَ، وَابْنِ عَطِيَّةَ، وَالْقُشَيْرِيِّ، وَالْمُرْسِيِّ، وَابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَابْنِ رَزِينٍ، وَالْوَاحِدِيِّ، وَالْكَوَاشِيِّ، وَالْمَاوَرْدِيِّ، وَسُلَيْمٍ الرَّازِيِّ، وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَابْنِ بَرَّجَانَ، وَابْنِ بَزِيزَةَ، وَابْنِ الْمُنِيرِ، أَمَالِي الرَّافِعِيِّ عَلَى الْفَاتِحَةِ‏، مُقَدِّمَةُ تَفْسِيرِ ابْنِ النَّقِيبِ‏.‏ ‏اهـ‏.‏

وَهَذَا أَوَانُ الشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ بِعَوْنِ الْمَلِكِ الْمَعْبُودِ‏‏.‏

النَّوْعُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ مِنَ الْقُرْآنِ

أَفْرَدَهُ بِالتَّصْنِيفِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ مَكِّيُّ، وَالْعِزُّ الدَّيْرِينِيُّ‏.‏

‏[‏فَوَائِدُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ‏]‏

وَمِنْ فَوَائِدِ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ‏:‏ الْعِلْمُ بِالْمُتَأَخِّرِ، فَيَكُونُ نَاسِخًا أَوْ مُخَصَّصًا، عَلَى رَأْيِ مَنْ يَرَى تَأْخِيرَ الْمُخَصَّصِ‏‏.‏

قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ النَّيْسَابُورِيُّ فِي كِتَابِ التَّنْبِيهِ عَلَى فَضْلِ عُلُومِ الْقُرْآنِ‏:‏ مِنْ أَشْرَفِ عُلُومِ الْقُرْآنِ عِلْمُ نُزُولِهِ وَجِهَاتِهِ، وَتَرْتِيبِ مَا نَزَلَ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَمَا نَزَلَ بِمَكَّةَ وَحُكْمُهُ مَدَنِيٌّ، وَمَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ وَحُكْمُهُ مَكِّيٌّ، وَمَا نَزَلَ بِمَكَّةَ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَمَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ فِي أَهْلِ مَكَّةَ، وَمَا يُشْبِهُ نُزُولَ الْمَكِّيِّ فِي الْمَدَنِيِّ، وَمَا يُشْبِهُ نُزُولَ الْمَدَنِيِّ فِي الْمَكِّيِّ، وَمَا نَزَلَ بِالْجُحْفَةِ، وَمَا نَزَلَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَمَا نَزَلَ بِالطَّائِفِ‏.‏ وَمَا نَزَلَ بِالْحُدَيْبِيَةَ، وَمَا نَزَلَ لَيْلًا وَمَا نَزَلَ نَهَارًا، وَمَا نَزَلَ مُشَيَّعًا وَمَا نَزَلَ مُفْرَدًا، وَالْآيَاتُ الْمَدَنِيَّاتُ فِي السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ، وَالْآيَاتُ الْمَكِّيَّاتُ فِي السُّوَرِ الْمَدَنِيَّةِ، وَمَا حُمِلَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَمَا حُمِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، وَمَا حُمِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَمَا نَزَلَ مُجْمَلًا، وَمَا نَزَلَ مُفَسَّرًا، وَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ مَدَنِيٌّ وَبَعْضُهُمْ مَكِّيٌّ‏‏.‏ فَهَذِهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَجْهًا مَنْ لَمْ يَعْرِفْهَا وَيُمَيِّزْ بَيْنَهَا لَمْ يَحْلُ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى‏.‏ انْتَهَى‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ وَقَدْ أَشْبَعْتُ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْأَوْجُهِ‏، فَمِنْهَا مَا أَفْرَدْتُهُ بِنَوْعٍ، وَمِنْهَا مَا تَكَلَّمْتُ عَلَيْهِ فِي ضِمْنِ بَعْضِ الْأَنْوَاعِ‏‏.‏

وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي كِتَابِهِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ‏:‏ الَّذِي عَلِمْنَاهُ عَلَى الْجُمْلَةِ مِنَ الْقُرْآنِ أَنَّ مِنْهُ مَكِّيًّا وَمَدَنِيًّا، وَسَفَرِيًّا وَحَضَرِيًّا، وَلَيْلِيًّا وَنَهَارِيًّا، وَسَمَائِيًّا وَأَرْضِيًّا، وَمَا نَزَلَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَمَا نَزَلَ تَحْتَ الْأَرْضِ فِي الْغَارِ‏‏.‏

وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي مُقَدِّمَةِ تَفْسِيرِه‏:‏ الْمُنَزَّلُ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ‏‏:‏ مَكِّيٌّ، وَمَدَنِيٌّ، وَمَا بَعْضُهُ مَكِّيٌّ وَبَعْضُهُ مَدَنِيٌّ، وَمَا لَيْسَ بِمَكِّيٍّ وَلَا مَدَنِيٍّ‏‏.‏

‏[‏تَعْرِيفُ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ‏]‏

اعْلَمْ أَنَّ لِلنَّاسِ فِي الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ اصْطِلَاحَاتٌ ثَلَاثَةٌ‏‏:‏

أَشْهَرُهَا‏:‏ أَنَّ الْمَكِّيَّ مَا نَزَلَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَالْمَدَنِيَّ مَا نَزَلَ بَعْدَهَا مِنَ الْقُرْآنِ، سَوَاءٌ نَزَلَ بِمَكَّةَ أَمْ بِالْمَدِينَةِ، عَامَ الْفَتْحِ أَوْ عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ، أَمْ بِسَفَرٍ مِنَ الْأَسْفَارِ‏‏.‏

أَخْرَجَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ بِسَنَدِهِ إِلَى يَحْيَى بْنِ سَلَامٍ، قَالَ‏‏:‏ مَا نَزَلَ بِمَكَّةَ وَمَا نَزَلَ فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَهُوَ مِنَ الْمَكِّيِّ‏‏.‏ وَمَا نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَسْفَارِهِ بَعْدَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَهُوَ مِنَ الْمَدَنِي‏ِّ‏.‏

وَهَذَا أَثَرٌ لَطِيفٌ، يُؤْخَذُ مِنْهُ‏:‏ أَنَّ مَا نَزَلَ فِي سَفَرِ الْهِجْرَةِ مَكِّيٌّ اصْطِلَاحًا‏‏.‏

الثَّانِي‏‏:‏ أَنَّ الْمَكِّيَّ مَا نَزَلَ بِمَكَّةَ وَلَوْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَالْمَدَنِيُّ مَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ‏.‏ وَعَلَى هَذَا تَثْبُتُ الْوَاسِطَةُ، فَمَا نَزَلَ بِالْأَسْفَارِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ مَكِّيٌّ وَلَا مَدَنِيٌّ‏‏.‏

وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عُفَيْرِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ ابْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ‏‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «أُنْزِلَ الْقُرْآنُ فِي ثَلَاثَةِ أَمْكِنَةٍ‏‏:‏ مَكَّةَ، وَالْمَدِينَةَ، وَالشَّامَ»‏.‏

قَالَ الْوَلِيدُ‏‏:‏ يَعْنِي‏:‏ بَيْتَ الْمَقْدِسِ‏‏.‏

وَقَالَ الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ بْنُ كَثِيرٍ‏‏:‏ بَلْ تَفْسِيرُهُ بِتَبُوكٍ أَحْسَنُ‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ وَيَدْخُلُ فِي مَكَّةَ ضَوَاحِيهَا، كَالْمَنْزِلِ بِمِنَى وَعَرَفَاتٍ وَالْحُدَيْبِيَةَ، وَفِي الْمَدِينَةِ ضَوَاحِيهَا، كَالْمُنَزَّلِ بِبَدْرٍ وَأُحُدٍ وَسَلْع‏ٍ‏.‏

الثَّالِثُ‏‏:‏ أَنَّ الْمَكِّيَّ مَا وَقَعَ خِطَابًا لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَالْمَدَنِيُّ مَا وَقَعَ خِطَابًا لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَحُمِلَ عَلَى هَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ الْآتِي‏‏.‏

قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي الِانْتِصَارِ‏:‏ إِنَّمَا يَرْجِعُ فِي مَعْرِفَةِ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ إِلَى حِفْظِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَلَمْ يَرِدْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ قَوْلٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ، وَلَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ عِلْمَ ذَلِكَ مِنْ فَرَائِضِ الْأُمَّةِ، وَإِنْ وَجَبَ فِي بَعْضِهِ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْرِفَةُ تَارِيخِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، فَقَدْ يُعْرَفُ ذَلِكَ بِغَيْرِ نَصِّ الرَّسُولِ‏.‏ انْتَهَى‏‏.‏

وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ‏‏:‏ وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا نَزَلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا وَأَنَا أَعْلَمُ فِيمَنْ نَزَلَتْ، وَأَيْنَ نَزَلَتْ‏‏.‏

وَقَالَ أَيُّوبٌ‏‏:‏ سَأَلَ رَجُلٌ عِكْرِمَةَ عَنْ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ، فَقَالَ‏‏:‏ نَزَلَتْ فِي سَفْحِ ذَلِكَ الْجَبَلِ، وَأَشَارَ إِلَى سَلْعٍ‏‏.‏ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ‏.‏

وَقَدْ وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ عَدُّ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ‏.‏ وَأَنَا أَسُوقُ مَا وَقَعَ لِي مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ أُعْقِبُهُ بِتَحْرِيرِ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ‏‏.‏

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَات‏:‏ أَنْبَأَنَا الْوَاقِدِيُّ، حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الْحَضْرَمِيِّ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ‏‏:‏ سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَمَّا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ بِالْمَدِينَةِ‏؟‏ فَقَالَ‏‏:‏ نَزَلَ بِهَا سَبْعٌ وَعِشْرُونَ سُورَةً، وَسَائِرُهَا بِمَكَّةَ‏‏.‏

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ فِي كِتَابِهِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ‏:‏ حَدَّثَنِي يَمُوتُ بْنُ الْمُزَرِّعِ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ السِّجِسْتَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا عَمْرِو بْنَ الْعَلَاءِ يَقُولُ‏‏:‏ سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنْ تَلْخِيصِ آيِ الْقُرْآنِ، الْمَدَنِيِّ مِنَ الْمَكِّيِّ، فَقَالَ‏‏:‏ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ‏‏:‏

سُورَةُ الْأَنْعَام‏:‏ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ جُمْلَةً وَاحِدَةً، فَهِيَ مَكِّيَّةٌ إِلَّا ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْهَا نَزَلْنَ بِالْمَدِينَة‏:‏ ‏{‏‏قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ‏‏}‏ ‏[‏151- 153‏]‏ إِلَى تَمَامِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ السُّوَرِ مَدَنِيَّاتٌ‏‏.‏

وَنَزَلَتْ بِمَكَّةَ سُورَةُ الْأَعْرَافِ وَيُونُسَ وَهُودٍ وَيُوسُفَ وَالرَّعْدِ وَإِبْرَاهِيمَ وَالْحِجْرِ وَالنَّحْلِ‏.‏ سِوَى ثَلَاثِ آيَاتٍ مِنْ آخِرِهَا فَإِنَّهُنَّ نَزَلْنَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، فِي مُنْصَرَفِهِ مِنْ أُحُدٍ‏‏.‏ وَسُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ وَطه وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْحَجِّ، سِوَى ثَلَاثِ آيَاتٍ ‏{‏‏‏هَذَانِ خَصْمَانِ‏‏‏}‏ ‏[‏19- 21‏]‏ إِلَى تَمَامِ الَآيَاتِ الثَّلَاثِ، فَإِنَّهُنَّ نَزَلْنَ بِالْمَدِينَةِ‏‏.‏

وَسُورَةُ الْمُؤْمِنُونَ وَالْفَرْقَانِ وَسُورَةُ الشُّعَرَاءِ، سِوَى خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ آخِرِهَا نَزَلْنَ بِالْمَدِينَة‏:‏ ‏{‏وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ‏}‏ ‏[‏224‏]‏ إِلَى آخِرِهَا‏.‏

وَسُورَةُ النَّمْلِ وَالْقَصَصِ وَالْعَنْكَبُوتِ وَالرُّومِ وَلُقْمَانَ، سِوَى ثَلَاثِ آيَاتٍ مِنْهَا نَزَلْنَ بِالْمَدِينَة‏:‏ ‏{‏‏وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ‏‏}‏ ‏[‏27- 29‏]‏ إِلَى تَمَامِ الْآيَاتِ‏‏.‏

وَسُورَةُ السَّجْدَةِ، سِوَى ثَلَاثِ آيَاتٍ ‏{‏‏أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا‏‏}‏ ‏[‏18- 20‏]‏ إِلَى تَمَامِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ‏‏.‏

وَسُورَةُ سَبَأٍ وَفَاطِرٍ وَيس وَالصَّافَّاتِ وَص وَالزَّمْرِ، سِوَى ثَلَاثِ آيَاتٍ نَزَلْنَ بِالْمَدِينَةِ فِي وَحْشِيٍّ قَاتِلِ حَمْزَةَ ‏{‏‏يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا‏‏}‏ ‏[‏53‏]‏ إِلَى تَمَامِ الثَّلَاثِ آيَاتٍ‏.‏

وَالْحَوَامِيمُ السَّبْعُ وَق وَالذَّارِيَاتُ وَالطُّورُ وَالنَّجْمُ وَالْقَمَرُ وَالرَّحْمَنُ وَالْوَاقِعَةُ وَالصَّفُّ وَالتَّغَابُنُ إِلَّا آيَاتٌ مِنْ آخِرِهَا نَزَلْنَ بِالْمَدِينَةِ‏.‏

وَالْمُلْكُ وَن وَالْحَاقَّةُ وَسَأَلَ وَسُورَةُ نُوحٍ وَالْجِنِّ وَالْمُزَّمِّلِ إِلَّا آيَتَيْنِ ‏{‏‏إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ‏‏}‏ ‏[‏20‏]‏‏.‏

وَالْمُدَّثِّرِ إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ إِلَّا ‏{‏إِذَا زُلْزِلَتْ‏}‏ وَ‏{‏إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ‏}‏ وَ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ وَ‏{‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ‏}‏ وَ‏{‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ‏}‏ فَإِنَّهُنَّ مَدَنِيَّاتٌ‏‏.‏

وَنَزَلَ بِالْمَدِينَةِ سُورَةُ الْأَنْفَالِ وَبَرَاءَةٍ وَالنُّورِ وَالْأَحْزَابِ وَسُورَةُ مُحَمَّدٍ وَالْفَتْحِ وَالْحُجُرَاتِ وَالْحَدِيدِ وَمَا بَعْدَهَا إِلَى التَّحْرِيمِ‏‏.‏

هَكَذَا أَخْرَجَهُ بِطُولِهِ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ الْمَشْهُورِينَ‏‏.‏

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ‏:‏ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ زِيَادٍ الْعَدْلُ‏، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ النَّحْوِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ وَالْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ قَالَا‏‏:‏ أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ بِمَكَّةَ‏‏:‏ ‏{‏اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ‏}‏ وَن، وَالْمُزَّمِّلَ، وَالْمُدَّثِّرَ وَ‏{‏تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ‏}‏ وَ‏{‏إِذَا الشَّمْسُ كَوِّرَتْ‏}‏ وَ‏{‏سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى‏}‏ وَ‏{‏وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى‏}‏ وَالْفَجْرِ، وَالضُّحَى، وَ‏{‏أَلَمْ نَشْرَحْ‏}‏ وَالْعَصْرِ، وَالْعَادِيَّاتِ، وَالْكَوْثَرَ، وَ‏{‏أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ‏}‏ وَ‏{‏أَرَأَيْتَ‏}‏ وَ‏{‏قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ‏}‏ وَأَصْحَابَ الْفِيلِ، وَالْفَلَقَ، وَ‏{‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ‏}‏ وَ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ وَالنَّجْمَ، وَعَبَسَ وَ‏{‏إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ‏}‏، ‏{‏وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا‏}‏، ‏{‏وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ‏}‏، ‏{‏وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ‏}‏ وَ‏{‏لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ‏}‏ وَالْقَارِعَةَ، وَ‏{‏لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ‏}‏ وَالْهُمَزَةَ، وَالْمُرْسَلَاتِ، وَق، وَ‏{‏لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏، ‏{‏وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ‏}‏، وَ‏{‏اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ‏}‏ وَص وَالْجِنَّ وَيس وَالْفُرْقَانَ وَالْمَلَائِكَةَ وَطه وَالْوَاقِعَةَ وَطسم وَطس وَطسم وَبَنِي إِسْرَائِيلَ وَالتَّاسِعَةَ وَهُودَ وَيُوسُفَ وَأَصْحَابَ الْحِجْرِ وَالْأَنْعَامَ وَالصَّافَّاتِ وَلُقْمَانَ وَسَبَأَ وَالزُّمَرَ وَحم الْمُؤْمِنِ وَحم الدُّخَانِ وَحم السَّجْدَةِ وَحم عسق وَحم الزُّخْرُفِ وَالْجَاثِيَةَ وَالْأَحْقَافَ وَالذَّارِيَاتِ وَالْغَاشِيَةَ وَأَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالنَّحْلَ وَنُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالم السَّجْدَةَ وَالطَّوْرَ وَتَبَارَكَ وَالْحَاقَّةَ وَسَأَلَ ‏{‏وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ‏}‏ وَ‏{‏وَالنَّازِعَاتِ‏}‏ وَ‏{‏إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ‏}‏ وَ‏{‏إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ‏}‏ وَالرُّومَ، وَالْعَنْكَبُوتَ‏.‏

وَمَا نَزَلَ بِالْمَدِينَة‏:‏ ‏{‏وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ‏}‏ وَالْبَقَرَةُ وَآلُ عِمْرَانَ وَالْأَنْفَالُ وَالْأَحْزَابُ وَالْمَائِدَةُ وَالْمُمْتَحَنَةُ وَالنِّسَاءُ ‏{‏وَإِذَا زُلْزِلَتِ‏}‏ وَالْحَدِيدُ وَمُحَمَّدٌ وَالرَّعْدُ وَالرَّحْمَنُ وَ‏{‏هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ‏}‏ وَالطَّلَاقُ، وَ‏{‏لَمْ يَكُنْ‏}‏ وَالْحَشْرُ، وَ‏{‏إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ‏}‏ وَالنُّورُ وَالْحَجُّ وَالْمُنَافِقُونَ وَالْمُجَادَلَةُ وَالْحُجُرَاتُ، وَ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ‏}‏ وَالصَّفُّ وَالْجُمْعَةُ وَالتَّغَابُنُ وَالْفَتْحُ، وَبَرَاءَةٌ‏.‏

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ‏‏:‏ وَالتَّاسِعَةُ، يُرِيدُ بِهَا سُورَةَ يُونُسَ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَقَدْ سَقَطَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَة‏:‏ الْفَاتِحَةُ وَالْأَعْرَافُ وَكهيعص، فِيمَا نَزَلَ بِمَكَّةَ‏.‏

قَالَ‏:‏ وَقَدْ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا خَصِيفٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ‏‏:‏ إِنَّ أَوَّلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ مِنَ الْقُرْآنِ ‏{‏اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ‏}‏ فَذَكَرَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَذَكَرَ السُّوَرَ الَّتِي سَقَطَتْ مِنَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي ذِكْرِ مَا نَزَلَ بِمَكَّةَ، وَقَالَ‏‏:‏ وَلِلْحَدِيثِ شَاهِدٌ فِي تَفْسِيرِ مُقَاتِلٍ وَغَيْرِهِ مَعَ الْمُرْسَلِ الصَّحِيحِ الَّذِي تَقَدَّمَ‏.‏

وَقَالَ ابْنُ الضُّرَيْسِ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏‏:‏ كَانَتْ إِذَا أُنْزِلَتْ فَاتِحَةُ سُورَةٍ بِمَكَّةَ كُتِبَتْ بِمَكَّةَ، ثُمَّ يَزِيدُ اللَّهُ فِيهَا مَا شَاءَ، وَكَانَ أَوَّلَ مَا أَنْزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ ‏{‏اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ‏}‏ ثُمَّ ن، ثُمَّ ‏{‏يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ‏}‏، ثُمَّ ‏{‏يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ‏}‏، ثُمَّ ‏{‏تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ‏}‏، ثُمَّ ‏{‏إِذَا الشَّمْسُ كَوِّرَتْ‏}‏، ثُمَّ ‏{‏سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى‏}‏، ثُمَّ ‏{‏وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى‏}‏، ثُمَّ وَالْفَجْرِ، ثُمَّ وَالضُّحَى، ثُمَّ أَلَمْ نَشْرَحْ، ثُمَّ وَالْعَصْرِ، ثُمَّ وَالْعَادِيَّاتِ، ثُمَّ ‏{‏إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ‏}‏ ثُمَّ ‏{‏أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ‏}‏ ثُمَّ ‏{‏أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ‏}‏ ثُمَّ ‏{‏قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ‏}‏ ثُمَّ ‏{‏أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ‏}‏ ثُمَّ ‏{‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ‏}‏ ثُمَّ ‏{‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ‏}‏ ثُمَّ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ ثُمَّ وَالنَّجْمِ ثُمَّ عَبَسَ ثُمَّ ‏{‏إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ‏}‏ ثُمَّ ‏{‏وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا‏}‏ ثُمَّ ‏{‏وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ‏}‏ ثُمَّ ‏{‏وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ‏}‏ ثُمَّ ‏{‏لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ‏}‏ ثُمَّ الْقَارِعَةُ ثُمَّ ‏{‏لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ‏}‏ ثُمَّ ‏{‏وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ‏}‏ ثُمَّ وَالْمُرْسَلَاتِ، ثُمَّ ق، ثُمَّ ‏{‏لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ ثُمَّ ‏{‏وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ‏}‏ ثُمَّ ‏{‏اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ‏}‏ ثُمَّ ص، ثُمَّ الْأَعْرَافُ، ثُمَّ ‏{‏قُلْ أُوحِيَ‏}‏، ثُمَّ يس، ثُمَّ الْفُرْقَانُ، ثُمَّ الْمَلَائِكَةُ، ثُمَّ كهيعص، ثُمَّ طه، ثُمَّ الْوَاقِعَةُ، ثُمَّ طسم الشُّعَرَاءِ، ثُمَّ طس، ثُمَّ الْقَصَصُ، ثُمَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ، ثُمَّ يُونُسَ، ثُمَّ هَودٌ، ثُمَّ يُوسُفَ، ثُمَّ الْحِجْرُ، ثُمَّ الْأَنْعَامُ، ثُمَّ الصَّافَّاتُ، ثُمَّ لُقْمَانُ، ثُمَّ سَبَأٌ، ثُمَّ الزُّمَرُ، ثُمَّ حم الْمُؤْمِنِ، ثُمَّ حم السَّجْدَةِ، ثُمَّ حم عسق، ثُمَّ حم الزُّخْرُفِ، ثُمَّ الدُّخَانِ، ثُمَّ الْجَاثِيَةِ، ثُمَّ الْأَحْقَافِ، ثُمَّ الذَّارِيَاتُ، ثُمَّ الْغَاشِيَةُ، ثُمَّ الْكَهْفُ، ثُمَّ النَّحْلُ ثُمَّ ‏{‏إِنَّا أَرْسَلَنَا نُوحًا‏}‏، ثُمَّ سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ، ثُمَّ الْمُؤْمِنُونَ، ثُمَّ تَنْزِيلُ السَّجْدَةِ، ثُمَّ الطَّوْرُ، ثُمَّ تَبَارَكَ الْمُلْكِ، ثُمَّ الْحَاقَّةُ، ثُمَّ سَأَلَ، ثُمَّ ‏{‏عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ‏}‏ ثُمَّ النَّازِعَاتُ، ثُمَّ ‏{‏إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ‏}‏ ثُمَّ ‏{‏إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ‏}‏ ثُمَّ الرُّومُ، ثُمَّ الْعَنْكَبُوتُ، ثُمَّ ‏{‏وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ‏}‏ فَهَذَا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِمَكَّةَ‏‏.‏

وَأَمَّا مَا أُنْزِلَ بِالْمَدِينَة‏:‏ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ الْأَنْفَالِ، ثُمَّ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ الْأَحْزَابِ، ثُمَّ الْمُمْتَحَنَةِ، ثُمَّ النِّسَاءِ، ثُمَّ ‏{‏إِذَا زُلْزِلَتْ‏}‏، ثُمَّ الْحَدِيدِ، ثُمَّ الْقِتَالِ، ثُمَّ الرَّعْدِ، ثُمَّ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ الْإِنْسَانِ، ثُمَّ الطَّلَاقِ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ، ثُمَّ الْحَشْرِ، ثُمَّ ‏{‏إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ‏}‏، ثُمَّ النُّورِ، ثُمَّ الْحَجِّ، ثُمَّ الْمُنَافِقُونَ، ثُمَّ الْمُجَادَلَةِ، ثُمَّ الْحُجُرَاتِ، ثُمَّ التَّحْرِيمِ، ثُمَّ الْجُمْعَةِ، ثُمَّ التَّغَابُنِ، ثُمَّ الصَّفِّ، ثُمَّ الْفَتْحِ، ثُمَّ الْمَائِدَةِ، ثُمَّ بَرَاءَةٍ‏.‏

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ‏‏:‏ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ وَالْمَائِدَةِ وَالْأَنْفَالِ وَالتَّوْبَةِ وَالْحَجِّ وَالنُّورِ وَالْأَحْزَابِ، وَ‏{‏الَّذِينَ كَفَرُوا‏}‏، وَالْفَتْحِ وَالْحَدِيدِ وَالْمُجَادَلَةِ وَالْحَشْرِ وَالْمُمْتَحَنَةِ وَالْحِوَارِيِينَ- يُرِيدُ الصَّفَّ- وَالتَّغَابُنِ، وَ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ‏}‏، وَ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ‏}‏ وَالْفَجْرِ وَاللَّيْلِ، وَ‏{‏إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ‏}‏، وَ‏{‏لَمْ يَكُنْ‏}‏، وَ‏{‏إِذَا زُلْزِلَتْ‏}‏، وَ‏{‏إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ‏}‏، وَسَائِرِ ذَلِكَ بِمَكَّةَ‏‏.‏

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيّ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ نَبَّأَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ‏‏:‏ نَزَلَ فِي الْمَدِينَةِ مِنَ الْقُرْآن‏:‏ الْبَقَرَةُ وَآلُ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءُ وَالْمَائِدَةُ وَبَرَاءَةٌ وَالرَّعْدُ وَالنَّحْلُ وَالْحَجُّ وَالنُّورُ وَالْأَحْزَابُ وَمُحَمَّدٌ وَالْفَتْحُ وَالْحُجُرَاتُ وَالْحَدِيدُ وَالرَّحْمَنُ وَالْمُجَادَلَةُ وَالْحَشْرُ وَالْمُمْتَحَنَةُ ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌وَالصَّفُّ وَالْجُمُعَةُ وَالْمُنَافِقُونَ وَالتَّغَابُنُ وَالطَّلَاقُ، وَ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ‏}‏ إِلَى رَأْسِ الْعَشْرِ، وَ‏{‏إِذَا زُلْزِلَتْ‏}‏، وَ‏{‏إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ‏}‏، وَسَائِرُ الْقُرْآنِ نَزَلَ بِمَكَةَ‏‏.‏

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْحَصَّارِ فِي كِتَابِهِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ‏:‏ الْمَدَنِيُّ بِاتِّفَاقِ عِشْرُونَ سُورَةً، وَالْمُخْتَلَفُ فِيهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ سُورَةً، وَمَا عَدَا ذَلِكَ مَكِّيٌّ بِاتِّفَاقٍ‏‏.‏ ثُمَّ نَظَمَ فِي ذَلِكَ أَبْيَاتًا، فَقَالَ‏:‏

يَا سَائِلِي عَنْ كِتَابِ اللَّهِ مُجْتَهِدًا *** وَعَنْ تَرْتِيبِ مَا يُتْلَى مِنَ السُّوَرِ

وَكَيْفَ جَاءَ بِهَا الْمُخْتَارُ مِنْ مُضَرٍ *** صَلَّى الْإِلَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ مِنْ مُضَرِ

وَمَا تَقَدَّمَ مِنْهَا قَبْلَ هِجْرَتِهِ *** وَمَا تَأَخَّرَ فِي بَدْوٍ وَفِي حَضَرِ

لِيَعْلَمَ النَّسَخَ وَالتَّخْصِيصَ مُجْتَهِدٌ *** يُؤَيِّدُ الْحُكْمَ بِالتَّارِيخِ وَالنَّظَرِ

تَعَارَضَ النَّقْلُ فِي أُمِّ الْكُتَّابِ وَقَدْ *** تُؤُوِّلَتِ الْحِجْرُ تَنْبِيهًا لِمُعْتَبِرِ

أُمُّ الْقُرَانِ وَفِي أُمِّ الْقُرَى نَزَلَتْ *** مَا كَانَ لِلْخَمْسِ قَبْلَ الْحَمْدِ مِنْ أَثَرٍ

وَبَعْدَ هِجْرَةِ خَيْرِ النَّاسِ قَدْ نَزَلَتْ *** عِشْرُونَ مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ فِي عَشْرِ

فَأَرْبَعٌ مِنْ طُوَالِ السَّبْعِ أَوَّلُهَا *** وَخَامِسُ الْخَمْسِ فِي الْأَنْفَالِ ذِي الْعِبَرِ

وَتَوْبَةُ اللَّهِ إِنْ عُدَّتْ فَسَادِسَةٌ *** وَسُورَةُ النُّورِ وَالْأَحْزَابِ ذِي الذِّكْرِ

وَسُورَةٌ لِنَبِيِّ اللَّهِ مَحْكَمَةٌ *** وَالْفَتْحُ وَالْحُجُرَاتُ الْغُرُّ فِي غُرَرِ

ثُمَّ الْحَدِيدُ وَيَتْلُوهَا مُجَادَلَةٌ *** وَالْحَشْرُ ثُمَّ امْتِحَانُ اللَّهِ لِلْبَشَرِ

وَسُورَةٌ فَضَحَ اللَّهُ النِّفَاقَ بِهَا *** وَسُورَةُ الْجَمْعِ تِذْكَارٌ لِمُدَّكِرِ

وَلِلطَّلَاقِ وَلِلتَّحْرِيمِ حُكْمُهُمَا *** وَالنَّصْرُ وَالْفَتْحُ تَنْبِيهًا عَلَى الْعُمْرِ

هَذَا الَّذِي اتَّفَقَتْ فِيهِ الرُّوَاةُ لَهُ *** وَقَدْ تَعَارَضَتِ الْأَخْبَارُ فِي أُخَرِ

فَالرَّعْدُ مُخْتَلِفٌ فِيهَا مَتَى نَزَلَتْ *** وَأَكْثَرُ النَّاسِ قَالُوا الرَّعْدُ كَالْقَمَرِ

وَمِثْلُهَا سُورَةُ الرَّحْمَنِ شَاهِدُهَا *** مِمَّا تَضَمَّنَ قَوْلَ الْجِنِّ فِي الْخَبَرِ

وَسُورَةٌ لِلْحِوَارِيِّينَ قَدْ عُلِمَتْ *** ثُمَّ التَّغَابُنُ وَالتَّطْفِيفُ ذُو النُّذُرِ

وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ قَدْ خُصَّتْ بِمِلَّتِنَا *** وَلَمْ يَكُنْ بَعْدَهَا الزِّلْزَالُ فَاعْتَبِرِ

وَقُلْ هُوَ اللَّهُ مِنْ أَوْصَافِ خَالِقِنَا *** وَعَوْذَتَانِ تَرُدُّ الْبَأْسَ بِالْقَدْرِ

وَذَا الَّذِي اخْتَلَفَتْ فِيهِ الرُّوَاةُ لَهُ *** وَرُبَّمَا اسْتُثْنِيَتْ آيٌ مِنَ السُّوَرِ

وَمَا سِوَى ذَاكَ مَكِّيٌّ تَنَزُّلُهُ *** فَلَا تَكُنْ مِنْ خِلَافِ النَّاسِ فِي حَصَرِ

فَلَيْسَ كُلُّ خِلَافٍ جَاءَ مُعْتَبَرًا *** إِلَّا خِلَافٌ لَهُ حَظٌّ مِنَ النَّظَرِ

فَصْلٌ فِي تَحْرِيرِ السُّوَرِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ

سُورَةُ الْفَاتِحَة‏:‏ الْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ، بَلْ وَرَدَ أَنَّهَا أَوَّلُ مَا نَزَلَ كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّوْعِ الثَّامِنِ، وَاسْتُدِلَّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ ‏[‏الْحِجْر‏:‏ 87‏]‏‏.‏ وَقَدْ فَسَّرَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفَاتِحَةِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ‏.‏ وَسُورَةُ الْحِجْرِ مَكِّيَّةٌ بِاتِّفَاقٍ، وَقَدِ امْتَنَّ عَلَى رَسُولِهِ فِيهَا بِهَا، فَدَلَّ عَلَى تَقَدُّمِ نُزُولِ الْفَاتِحَةِ عَلَيْهَا، إِذْ يَبْعُدُ أَنْ يَمْتَنَّ عَلَيْهِ بِمَا لَمْ يَنْزِلْ بَعْدُ، وَبِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ كَانَ بِمَكَّةَ، وَلَمْ يُحْفَظْ أَنَّهُ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ صَلَاةٌ بِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُ‏‏.‏

وَقَدْ رَوَى الْوَاحِدِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ‏‏:‏ نَزَلَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ بِمَكَّةَ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ‏‏.‏

وَاشْتُهِرَ عَنْ مُجَاهِدٍ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ‏.‏ أَخْرَجَهُ الْفِرْيَابِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي الْفَضَائِلِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْهُ‏‏.‏

قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْل‏:‏ هَذِهِ هَفْوَةٌ مِنْ مُجَاهِدٍ؛لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ‏‏.‏ وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عَطِيَّةَ الْقَوْلَ بِذَلِكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعَطَاءٍ وَسَوَادَةَ بْنِ زِيَادٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ‏.‏

وَوَرَدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‏.‏ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ‏‏.‏ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَط‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ غَنَّامٍ، نَبَّأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَبَّأَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‏‏:‏ أَنَّ إِبْلِيسَ رَنَّ حِينَ أُنْزِلَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَأُنْزِلَتْ بِالْمَدِينَةِ‏.‏ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْجُمْلَةَ الْأَخِيرَةَ مُدْرَجَةٌ مِنْ قَوْلِ مُجَاهِدٍ‏.‏

وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ مَرَّتَيْن‏:‏ مَرَّةً بِمَكَّةَ وَمَرَّةً بِالْمَدِينَةِ مُبَالَغَةً فِي تَشْرِيفِهَا‏‏.‏

وَفِيهَا قَوْلٌ رَابِعٌ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ نِصْفَيْن‏:‏ نِصْفُهَا بِمَكَّةَ وَنِصْفُهَا بِالْمَدِينَةِ، حَكَاهُ أَبُو لَيْثٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ‏‏.‏

هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ سُورَةُ النِّسَاء‏:‏ زَعَمَ النَّحَّاسُ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ، مُسْتَنِدًا إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ‏‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ‏‏}‏ ‏[‏58‏]‏ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ اتِّفَاقًا فِي شَأْنِ مِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ، وَذَلِكَ مُسْتَنَدٌ وَاهٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نُزُولِ آيَةٍ أَوْ آيَاتٍ مِنْ سُورَةٍ طَوِيلَةٍ نَزَلَ مُعْظَمُهَا بِالْمَدِينَةِ أَنْ تَكُونَ مَكِّيَّةً، خُصُوصًا أَنَّ الْأَرْجَحَ أَنَّ مَا نَزَلَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ مَدَنِيٌّ، وَمَنْ رَاجَعَ أَسْبَابَ نُزُولِ آيَاتِهَا عَرَفَ الرَّدَّ عَلَيْهِ‏‏.‏ وَمِمَّا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏‏:‏ مَا نَزَلَتْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ إِلَّا وَأَنَا عِنْدَهُ‏.‏ وَدُخُولُهَا عَلَيْهِ كَانَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ اتِّفَاقًا‏‏.‏ وَقِيلَ‏:‏ نَزَلَتْ عِنْدَ الْهِجْرَةِ‏‏.‏

سُورَةُ يُونُسَ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ الْمَشْهُورُ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ‏، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَتَانِ‏‏، فَتَقَدَّمَ فِي الْآثَارِ السَّابِقَةِ عَنْهَا أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ‏‏.‏ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ عَنْهُ، وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْهُ، وَمِنْ طَرِيقِ خَصِيفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ، وَيُؤَيِّدُ الْمَشْهُورَ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏‏:‏ لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا رَسُولًا أَنْكَرَتِ الْعَرَبُ ذَلِكَ‏.‏ أَوْ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنْهُمْ‏.‏ فَقَالُوا‏‏:‏ اللَّهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَسُولُهُ بَشَرًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى‏‏:‏ ‏{‏‏أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا‏‏}‏ ‏[‏يُونُسَ‏:‏ 2‏]‏‏.‏

سُورَةُ الرَّعْد‏:‏ تَقَدَّمَ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ‏:‏ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ، وَفِي بَقِيَّةِ الْآثَارِ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ الثَّانِي مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ‏‏.‏ وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ مِثْلَهُ، عَنْ قَتَادَةَ‏‏.‏ وَأَخْرَجَ الْأَوَّلَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ‏‏.‏

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِه‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، قَالَ‏‏:‏ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏‏وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ‏‏}‏ ‏[‏الرَّعْد‏:‏ 43‏]‏ أَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ‏؟‏ فَقَالَ‏‏:‏ كَيْفَ وَهَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ ‏!‏‏.‏

وَيُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ‏:‏ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏‏اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى‏‏}‏ إِلَى قَوْلِه‏:‏ ‏{‏‏وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ‏‏}‏ ‏[‏الرَّعْد‏:‏ 8- 13‏]‏ نَزَلَ فِي قِصَّةِ أَرْبَدَ بْنِ قَيْسٍ وَعَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ حِينَ قَدِمَا الْمَدِينَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وَالَّذِي يَجْمَعُ بِهِ بَيْنَ الِاخْتِلَاف‏:‏ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ إِلَّا آيَاتٌ مِنْهَا‏‏.‏

سُورَةُ الْحَجِّ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ تَقَدَّمَ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ إِلَّا آيَاتٌ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا، وَفِي الْآثَارِ الْبَاقِيَة‏:‏ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏.‏ وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَعُثْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْر‏:‏ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ‏‏.‏

قَالَ ابْنُ الْفَرَسِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ‏:‏ وَقِيلَ‏:‏ إِنَّهَا مَكِّيَّةٌ إِلَّا‏:‏ ‏{‏‏‏هَذَانِ خَصْمَانِ‏‏‏}‏ الْآيَاتُ‏.‏ وَقِيلَ‏:‏ إِلَّا عَشْرَ آيَاتٍ‏‏.‏ وَقِيلَ‏:‏ مَدَنِيَّةٌ إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ‏:‏ ‏{‏‏وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ‏‏‏}‏ إِلَى ‏{‏عَقِيمٍ‏}‏ ‏[‏52- 55‏]‏‏.‏ قَالَهُ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ‏‏.‏ وَقِيلَ‏:‏ كُلُّهَا مَدَنِيَّةٌ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ‏:‏ هِيَ مُخْتَلِطَةٌ، فِيهَا مَدَنِيٌّ وَمَكِّيٌّ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ‏.‏ انْتَهَى‏.‏

وَيُؤَيِّدُ مَا نَسَبَهُ إِلَى الْجُمْهُور‏:‏ أَنَّهُ وَرَدَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا أَنَّهُ نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ، كَمَا حَرَّرْنَاهُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ‏‏.‏

سُورَةُ الْفُرْقَانِ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ قَالَ ابْنُ الْفَرَس‏:‏ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ‏، وَقَالَ الضَّحَّاك‏ُ‏:‏ مَدَنِيَّةٌ‏‏.‏

سُورَةُ يس هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ حَكَى أَبُو سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ قَوْلًا‏:‏ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ، قَالَ‏‏:‏ وَلَيْسَ بِالْمَشْهُورِ‏‏.‏

سُورَةُ ص هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏؟‏‏:‏ حَكَى الْجَعْبَرِيُّ قَوْلًا‏:‏ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ خِلَافَ حِكَايَةِ جَمَاعَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ‏‏.‏

سُورَةُ مُحَمَّدٍ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏؟‏‏:‏ حَكَى النَّسْفِيُّ قَوْلًا غَرِيبًا‏:‏ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ‏‏.‏

سُورَةُ الْحُجُرَاتِ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ حُكِيَ قَوْلٌ شَاذٌّ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ‏‏.‏

سُورَةُ الرَّحْمَن‏:‏ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ‏:‏ «لَمَّا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ سُورَةَ الرَّحْمَنِ حَتَّى فَرَغَ، قَالَ‏‏:‏ مَا لِي أَرَاكُمْ سُكُوتًا‏؟‏ لَلْجِنُّ كَانُوا أَحْسَنَ مِنْكُمْ رَدًّا، مَا قَرَأْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَرَّةٍ ‏{‏فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ‏}‏ إِلَّا قَالُوا‏‏:‏ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ»‏.‏ قَالَ الْحَاكِمُ‏‏:‏ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ‏.‏ وَقِصَّةُ الْجِنِّ كَانَتْ بِمَكَّةَ‏.‏

وَأَصْرَحُ مِنْهُ فِي الدَّلَالَةِ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مَسْنَدِهِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ‏:‏ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ‏‏:‏ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي نَحْوَ الرُّكْنِ قَبْلَ أَنْ يَصْدَعَ بِمَا يُؤْمَرُ، وَالْمُشْرِكُونَ يَسْمَعُونَ‏:‏ ‏{‏فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ‏}‏»، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى تَقَدُّمِ نُزُولِهَا عَلَى سُورَةِ الْحِجْرِ‏‏.‏

سُورَةُ الْحَدِيدِ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ قَالَ ابْنُ الْفَرَس‏:‏ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ، وَقَالَ قَوْمٌ‏:‏ إِنَّهَا مَكِّيَّةٌ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ فِيهَا قُرْآنًا مَدَنِيًّا، لَكِنْ يُشْبِهُ صَدْرُهَا أَنْ يَكُونَ مَكِّيًّا‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ، فَفِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ وَغَيْرِهِ، عَنْ عُمْرَ‏:‏ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أُخْتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، فَإِذَا صَحِيفَةٌ فِيهَا أَوَّلُ سُورَةِ الْحَدِيدِ، فَقَرَأَهَا وَكَانَ سَبَبَ إِسْلَامِهِ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ‏‏:‏ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ بَيْنَ إِسْلَامِهِ وَبَيْنَ أَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يُعَاتِبُهُمُ اللَّهُ بِهَا إِلَّا أَرْبَعَ سِنِينَ‏:‏ ‏{‏‏وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينِ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ‏‏‏}‏ ‏[‏الْحَدِيد‏:‏ 16‏]‏‏.‏

سُورَةُ الصَّفِّ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ الْمُخْتَارُ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ، وَنَسَبُهُ ابْنُ الْفَرَسِ إِلَى الْجُمْهُورِ وَرَجَّحَهُ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ‏‏:‏ قَعَدْنَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَذَاكَرْنَا، فَقُلْنَا‏‏:‏ لَوْ نَعْلَمُ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ لَعَمِلْنَاهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ‏‏:‏ ‏{‏‏‏سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ‏‏‏}‏ ‏[‏الصَّفّ‏:‏ 1، 2‏]‏ حَتَّى خَتَمَهَا، قَالَ عَبْدُ اللَّه‏‏:‏ فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى خَتَمَهَا‏‏.‏

سُورَةُ الْجُمُعَةِ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ الصَّحِيحُ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ، لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ‏:‏ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ الْجُمُعَة‏:‏ ‏{‏‏وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ‏}‏ ‏[‏الْجُمُعَة‏:‏ 3‏]‏‏.‏ قُلْتُ‏:‏ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ»‏.‏‏.‏‏.‏ الْحَدِيثَ‏‏.‏ وَمَعْلُومٌ أَنَّ إِسْلَامَ أَبِي هُرَيْرَةَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِمُدَّةٍ‏‏.‏ وَقَوْلُهُ‏‏:‏ ‏{‏‏قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا‏‏}‏ ‏[‏6‏]‏ خِطَابٌ لِلْيَهُودِ، وَكَانُوا بِالْمَدِينَةِ‏.‏ وَآخِرُ السُّورَةِ نَزَلَ فِي انْقِضَاضِهِمْ حَالَ الْخُطْبَةِ لِمَا قَدِمَتِ الْعِيرُ، كَمَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، فَثَبَتَ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ كُلُّهَا‏‏.‏

سُورَةُ التَّغَابُن‏:‏ قِيلَ‏:‏ مَدَنِيَّةٌ وَقِيلَ‏:‏ مَكِّيَّةٌ إِلَّا آخِرَهَا‏‏.‏

سُورَةُ الْمُلْكِ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ فِيهَا قَوْلٌ غَرِيبٌ‏:‏ إِنَّهَا مَدَنِيَّةٌ‏‏.‏

سُورَةُ الْإِنْسَانِ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ قِيلَ مَدَنِيَّةٌ، وَقِيلَ‏:‏ مَكِّيَّةٌ إِلَّا آيَةً وَاحِدَةً‏‏:‏ ‏{‏‏‏وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا‏‏‏‏}‏ ‏[‏الْإِنْسَان‏:‏ 24‏]‏‏.‏

سُورَةُ الْمُطَفِّفِينَ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ قَالَ ابْنُ الْفَرَس‏:‏ قِيلَ‏:‏ إِنَّهَا مَكِّيَّةٌ؛ لِذِكْرِ الْأَسَاطِيرِ فِيهَا‏‏.‏ وَقِيلَ‏:‏ مَدَنِيَّةٌ، لِأَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ كَانُوا أَشَدَّ النَّاسِ فَسَادًا فِي الْكَيْلِ‏‏.‏

وَقِيلَ‏:‏ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ إِلَّا قِصَّةُ التَّطْفِيفِ‏‏.‏ وَقَالَ قَوْمٌ‏‏:‏ نَزَلَتْ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ‏.‏ انْتَهَى‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ- بِسَنَدٍ صَحِيحٍ- «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏‏:‏ لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ كَانُوا مِنْ أَخْبَثِ النَّاسِ كَيْلًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ‏‏:‏ ‏{‏‏‏وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ‏‏‏}‏ فَأَحْسَنُوا الْكَيْلَ»‏.‏

سُورَةُ الْأَعْلَى‏:‏ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ، قَالَ ابْنُ الْفَرَس‏:‏ وَقِيلَ‏:‏ إِنَّهَا مَدَنِيَّةٌ لِذِكْرِ صَلَاةِ الْعِيدِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ فِيهَا‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ وَيَرُدُّهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، «عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ‏‏:‏ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَجَعَلَا يُقْرِئَانِنَا الْقُرْآنَ، ثُمَّ جَاءَ عَمَّارٌ وَبِلَالٌ وَسَعْدٌ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ فَرَحَهُمْ بِهِ، فَمَا جَاءَ حَتَّى قَرَأْتُ‏:‏ ‏{‏سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى‏}‏ فِي سُورَةٍ مِثْلِهَا‏»‏.‏

سُورَةُ الْفَجْرِ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ فِيهَا قَوْلَانِ، حَكَاهُمَا ابْنُ الْفَرَسِ‏.‏ قَالَ أَبُو حَيَّانَ‏‏:‏ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ‏‏.‏

سُورَةُ الْبَلَدِ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ حَكَى ابْنُ الْفَرَسِ فِيهَا أَيْضًا قَوْلَيْنِ، وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ يَرُدُّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ‏‏.‏

سُورَةُ اللَّيْلِ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ الْأَشْهُرُ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ، وَقِيلَ‏:‏ مَدَنِيَّةٌ، لِمَا وَرَدَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا مِنْ قِصَّةِ النَّخْلَةِ كَمَا أَخْرَجْنَاهُ فِي سَبَبِ النُّزُولِ‏‏.‏ وَقِيلَ‏:‏ فِيهَا مَكِّيٌّ وَمَدَنِيٌّ‏‏.‏

سُورَةُ الْقَدْرِ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ فِيهَا قَوْلَانِ، وَالْأَكْثَرُ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ‏‏.‏ وَيُسْتَدَلُّ لِكَوْنِهَا مَدَنِيَّةً بِمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ، «عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ‏:‏ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى مِنْبَرِهِ، فَسَاءَهُ ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ‏‏:‏ ‏{‏‏إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ‏‏}‏‏، وَنَزَلَتْ ‏{‏‏إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ‏‏}‏» الْحَدِيثَ‏.‏ قَالَ الْمِزِّيُّ‏‏:‏ وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ‏‏.‏

سُورَةُ لَمْ يَكُنْ‏:‏ قَالَ ابْنُ الْفَرَس‏:‏ الْأَشْهُرُ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ وَيَدُلُّ لِمُقَابِلِهِ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، «عَنْ أَبِي حَبَّةَ الْبَدْرِيِّ، قَالَ‏:‏ لَمَّا نَزَلَتْ ‏{‏‏لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ‏‏}‏ إِلَى آخِرِهَا، قَالَ جِبْرِيلُ‏‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُقْرِئَهَا أُبَيًّا‏.‏‏.‏‏.‏ الْحَدِيثَ‏»‏.‏ وَقَدْ جَزَمَ ابْنُ كَثِيرٍ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ‏‏.‏

سُورَةُ الزَّلْزَلَةِ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ فِيهَا قَوْلَانِ، وَيُسْتَدَلُّ لِكَوْنِهَا مَدَنِيَّةً‏:‏ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، «عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ‏‏:‏ لَمَّا نَزَلَتْ‏:‏ ‏{‏‏فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ‏‏}‏ الْآيَةَ، قُلْتُ‏‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَرَاءٍ عَمَلِي»‏.‏‏.‏ الْحَدِيثَ‏.‏ وَأَبُو سَعِيدٍ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَبْلُغْ إِلَّا بَعْدَ أُحُدٍ‏‏.‏

سُورَةُ الْعَادِيَاتِ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ فِيهَا قَوْلَانِ، وَيُسْتَدَلُّ لِكَوْنِهَا مَدَنِيَّةً‏:‏ بِمَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ قَالَ‏:‏ «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا، فَلَبِثَتْ شَهْرًا لَا يَأْتِيهِ مِنْهَا خَبَرٌ فَنَزَلَتْ ‏{‏وَالْعَادِيَاتِ‏}‏»‏.‏‏.‏ الْحَدِيثَ‏‏.‏

سُورَةُ أَلْهَاكُمْ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ الْأَشْهَرُ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ‏‏.‏

وَيَدُلُّ لِكَوْنِهَا مَدَنِيَّةً- وَهُوَ الْمُخْتَارُ- مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَبِيلَتَيْنِ مِنْ قَبَائِلِ الْأَنْصَارِ تَفَاخَرُوا‏‏.‏‏.‏ الْحَدِيثَ‏.‏

وَأُخْرِجَ عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ‏‏:‏ كُنَّا نَرَى هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ- يَعْنِي لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادٍ مَنْ ذَهَبٍ- حَتَّى نَزَلَتْ‏:‏ ‏{‏أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ‏}‏‏.‏

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ‏‏:‏ مَا زِلْنَا نَشُكُّ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ حَتَّى نَزَلَتْ‏.‏

وَعَذَابُ الْقَبْرِ لَمْ يُذْكَرْ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ، كَمَا فِي الصَّحِيحِ فِي قِصَّةِ الْيَهُودِيَّةِ‏‏.‏

سُورَةُ أَرَأَيْتَ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ فِيهَا قَوْلَانِ، حَكَاهُمَا ابْنُ الْفَرَسِ‏.‏

سُورَةُ الْكَوْثَر‏:‏ الصَّوَابُ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ، وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، لِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، «عَنْ أَنَسٍ قَالَ‏‏:‏ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً فَرَفَعَ رَأْسَهُ مُبْتَسِمًا، فَقَالَ‏‏:‏ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ‏{‏إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ‏}‏ حَتَّى خَتَمَهَا»‏.‏‏.‏‏.‏ الْحَدِيث‏َ‏.‏

سُورَةُ الْإِخْلَاصِ هَلْ هِيَ مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ‏:‏ فِيهَا قَوْلَانِ، لِحَدِيثَيْنِ فِي سَبَبِ نُزُولِهِمَا مُتَعَارِضَيْنِ‏.‏ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِتَكَرُّرِ نُزُولِهَا، ثُمَّ ظَهَرَ لِي بَعْدَ تَرْجِيحٍ‏:‏ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ، كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ‏‏.‏

الْمُعَوِّذَتَان‏:‏ الْمُخْتَارُ أَنَّهُمَا مَدَنِيَّتَانِ؛ لِأَنَّهُمَا نَزَلَتَا فِي قِصَّةِ سِحْرِ لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ، كَمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ‏‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في أَنَّ كل نوع من المكي والمدني منه آيات مستثناة‏]‏

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِل‏:‏ فِي بَعْضِ السُّوَرِ الَّتِي نَزَلَتْ بِمَكَّةَ آيَاتٌ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ فَأُلْحِقَتْ بِهَا‏.‏ وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْحَصَّار‏:‏ كُلُّ نَوْعٍ مِنَ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ مِنْهُ آيَاتٌ مُسْتَثْنَاةٌ‏‏.‏ قَالَ‏‏:‏ إِلَّا أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنِ اعْتَمَدَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الِاجْتِهَادِ دُونَ النَّقْلِ‏.‏

فَصَلٌ ‏[‏فِي ذِكْرِ مَا اسْتُثْنِيَ مِنَ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ‏]‏

وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيّ‏:‏ قَدِ اعْتَنَى بَعْضُ الْأَئِمَّةِ بِبَيَانِ مَا نَزَلَ مِنَ الْآيَاتِ بِالْمَدِينَةِ‏.‏ فِي السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ‏.‏ قَالَ‏‏:‏ وَأَمَّا عَكْسُ ذَلِكَ، فَهُوَ نُزُولُ شَيْءٍ مِنْ سُورَةٍ بِمَكَّةَ، تَأَخُّرُ نُزُولِ تِلْكَ السُّورَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمْ أَرَهُ إِلَّا نَادِرًا‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ وَهَا أَنَا ذَا أَذْكُرُ مَا وَقَفْتُ عَلَى اسْتِثْنَائِهِ مِنَ النَّوْعَيْنِ، مُسْتَوْعِبًا مَا رَأَيْتُهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الِاصْطِلَاحِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَأُشِيرَ إِلَى أَدِلَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَجْلِ قَوْلِ ابْنِ الْحَصَّارِ السَّابِقِ، وَلَا أَذْكُرُ الْأَدِلَّةَ بِلَفْظِهَا، اخْتِصَارًا وَإِحَالَةً عَلَى كِتَابِنَا أَسْبَابُ النُّزُولِ‏‏.‏

الْفَاتِحَةُ‏:‏ تَقَدَّمَ قَوْلٌ أَنَّ نِصْفَهَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ النِّصْفُ الثَّانِي، وَلَا دَلِيلَ لِهَذَا الْقَوْلِ‏‏.‏

الْبَقَرَةُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا آيَتَان‏:‏ ‏{‏‏فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا‏‏}‏ ‏[‏109‏]‏‏.‏ وَ‏{‏‏لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ‏‏}‏ ‏[‏272‏]‏‏.‏

الْأَنْعَامُ‏:‏ قَالَ ابْنُ الْحَصَّار‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا تِسْعُ آيَاتٍ، وَلَا يَصِحُّ بِهِ نَقْلٌ، خُصُوصًا قَدْ وَرَدَ أَنَّهَا نَزَلَتْ جُمْلَةً‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ قَدْ صَحَّ النَّقْلُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِاسْتِثْنَاءِ قُلْ تَعَالَوْا الْآيَاتِ الثَّلَاثَ ‏[‏151- 153‏]‏ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْبَوَاقِي‏:‏ ‏{‏‏وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ‏‏}‏ ‏[‏91‏]‏‏.‏ لِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَالِكِ بْنِ الصَّيْفِ‏، قَوْلُهُ‏‏:‏ ‏{‏‏وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا‏‏}‏ الْآيَتَيْنِ ‏[‏21- 22‏]‏، نَزَلَتَا فِي مُسَيْلِمَةَ‏‏.‏ وَقَوْلُهُ ‏{‏‏الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابِ يَعْرِفُونَهُ‏‏}‏ ‏[‏20‏]‏ وَقَوْلُهُ‏‏:‏ ‏{‏‏وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ‏‏}‏ ‏[‏الْأَنْعَام‏:‏ 114‏]‏‏.‏

وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، عَنِ الْكَلْبِيِّ قَالَ‏‏:‏ نَزَلَتِ الْأَنْعَامُ كُلُّهَا بِمَكَّةَ إِلَّا آيَتَيْنِ نَزَلَتَا بِالْمَدِينَةِ فِي رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ‏‏:‏ ‏{‏مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ‏}‏ ‏[‏الْأَنْعَام‏:‏ 91‏]‏‏.‏

وَقَالَ الْفِرْيَابِيُّ‏‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ بِشْرٍ، قَالَ‏‏:‏ الْأَنْعَامُ مَكِّيَّةٌ إِلَّا‏:‏ ‏{‏‏قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ‏‏}‏ ‏[‏151‏]‏ وَالْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا‏‏.‏

الْأَعْرَاف‏:‏ أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ‏‏:‏ الْأَعْرَافُ مَكِّيَّةٌ إِلَّا آيَةَ ‏{‏‏وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ‏‏}‏ ‏[‏163‏]‏ وَقَالَ غَيْرُهُ‏‏:‏ مِنْ هُنَا إِلَى‏:‏ ‏{‏‏‏وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ‏‏‏}‏ ‏[‏172‏]‏ مَدَنِيٌّ‏.‏

الْأَنْفَالُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا‏‏}‏ ‏[‏الْأَنْفَال‏:‏ 30‏]‏ قَالَ مُقَاتِلٌ‏‏:‏ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ يَرُدُّهُ مَا صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ بِعَيْنِهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ، كَمَا أَخْرَجْنَاهُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ‏.‏ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ‏‏:‏ ‏{‏‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏64‏]‏ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُهُ‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ يُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ‏‏.‏

بَرَاءَةٌ‏:‏ قَالَ ابْنُ الْفَرَس‏:‏ مَدَنِيَّةٌ إِلَّا آيَتَيْنِ ‏{‏‏لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ‏}‏ إِلَى آخِرِهَا ‏[‏128- 129‏]‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ غَرِيبٌ، كَيْفَ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهَا آخِرُ مَا نَزَلَ‏!‏‏‏.‏‏.‏ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ‏:‏ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ‏‏.‏ ‏[‏بَرَاءَةٍ‏:‏ 113‏]‏‏.‏ لِمَا وَرَدَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي «قَوْلِهِ- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- لِأَبِي طَالِبٍ لِأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ»‏.‏

يُونُسُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ‏‏}‏ ‏[‏يُونُسَ‏:‏ 94، 95‏]‏‏.‏ وَقَوْلُهُ‏‏:‏ ‏{‏‏وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ‏‏}‏ ‏[‏يُونُسَ‏:‏ 40‏]‏ قِيلَ‏:‏ نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ‏.‏ وَقِيلَ‏:‏ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ مَكِّيٌّ وَالْبَاقِي مَدَنِيٌّ‏.‏ حَكَاهَا ابْنُ الْفَرَسِ وَالسَّخَاوِيُّ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ‏.‏

هُودٌ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ‏:‏ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ ‏[‏12- 14‏]‏ ‏{‏‏أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ‏‏}‏ ‏[‏17‏]‏ ‏{‏‏وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ‏‏}‏ ‏[‏هُودٍ‏:‏ 114‏]‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ دَلِيلُ الثَّالِثَةِ مَا صَحَّ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي حَقِّ أَبِي الْيُسْرِ‏‏.‏

يُوسُفُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِهَا، حَكَاهُ أَبُو حَيَّانَ، وَهُوَ وَاهٍ جِدًّا لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ‏.‏

الرَّعْدُ‏:‏ أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ‏‏:‏ سُورَةُ الرَّعْدِ مَدَنِيَّةٌ إِلَّا آيَةً، قَوْلُهُ‏‏:‏ ‏{‏‏وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ‏‏}‏ ‏[‏الرَّعْد‏:‏ 31‏]‏‏.‏

وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مَكِّيَّةٌ، يُسْتَثْنَى قَوْلُهُ‏‏:‏ اللَّهُ يَعْلَمُ إِلَى قَوْلِه‏:‏ شَدِيدُ الْمِحَالِ ‏[‏الرَّعْد‏:‏ 8- 13‏]‏ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْآيَةُ آخِرُهَا‏‏.‏ فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ جُنْدُبٍ قَالَ‏‏:‏ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ حَتَّى أَخَذَ بِعِضَادَتَيْ بَابَ الْمَسْجِدِ، قَالَ‏‏:‏ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَيْ قَوْمٍ، تَعْلَمُونَ أَنِّي الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ ‏{‏‏وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ‏‏}‏ ‏[‏الرَّعْد‏:‏ 43‏]‏ قَالُوا‏‏:‏ اللَّهُمَّ نَعَم‏ْ‏.‏

إِبْرَاهِيمُ‏:‏ أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ‏‏:‏ سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ مَكِّيَّةٌ غَيْرَ آيَتَيْنِ مَدَنِيَّتَيْن‏:‏ ‏{‏‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهَ كُفْرًا‏‏}‏ إِلَى وَبِئْسَ الْقَرَارُ‏‏}‏ ‏[‏إِبْرَاهِيمَ‏:‏ 28- 29‏]‏‏.‏

الْحِجْرُ‏:‏ اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْهَا ‏{‏‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْحِجْر‏:‏ 87‏]‏‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ قَوْلِه‏:‏ ‏{‏‏وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ‏‏}‏ ‏[‏الْحِجْر‏:‏ 24‏]‏ لِمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا، وَأَنَّهَا فِي صُفُوفِ الصَّلَاةِ‏‏.‏

النَّحْلُ‏:‏ تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ اسْتَثْنَى آخِرَهَا‏.‏ وَسَيَأْتِي فِي السَّفَرِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ‏‏.‏ وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ‏‏:‏ نَزَلَتِ النَّحْلُ كُلُّهَا بِمَكَّةَ إِلَا هَؤُلَاءِ الْآيَات‏:‏ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ ‏[‏126‏]‏ إِلَى آخِرِهَا‏‏.‏

وَأُخْرِجَ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ‏‏:‏ سُورَةُ النَّحْلِ مِنْ قوله‏:‏ ‏{‏‏وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا‏‏}‏ ‏[‏النَّحْل‏:‏ 41‏]‏ إِلَى آخِرِهَا مَدَنِيٌّ، وَمَا قَبْلَهَا إِلَى آخِرِ السُّورَةِ مَكِّيٌّ، وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ مَا نَزَلَ‏.‏ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ‏:‏ أَنَّ النَّحْلَ نَزَلَ مِنْهَا بِمَكَّةَ أَرْبَعُونَ، وَبَاقِيهَا بِالْمَدِينَةِ‏.‏ وَيَرُدُّ ذَلِكَ‏:‏ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ فِي نُزُول‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ‏‏}‏ ‏[‏النَّحْل‏:‏ 90‏]‏ وَسَيَأْتِي فِي نَوْعِ التَّرْتِيبِ‏‏.‏

الْإِسْرَاءُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 85‏]‏ لِمَا أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي جَوَابِ سُؤَالِ الْيَهُودِ، عَنِ الرُّوحِ‏‏.‏

وَاسْتُثْنِيَ مِنْهَا أَيْضًا‏:‏ ‏{‏‏‏وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ‏‏‏}‏ إِلَى قَوْلِه‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا‏‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 73- 81‏]‏ وَقَوْلُهُ‏‏:‏ ‏{‏‏قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ‏‏}‏ الْآيَةَ، وَقَوْلُهُ‏‏:‏ ‏{‏‏وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا‏‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 60‏]‏‏.‏ وَقَوْلُهُ‏‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ‏‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 107‏]‏ لِمَا أَخْرَجْنَاهُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ‏‏.‏

الْكَهْفُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى ‏{‏‏جُرُزًا‏‏}‏ ‏[‏1- 8‏]‏‏.‏ وَقَوْلُهُ‏‏:‏ ‏{‏وَاصْبِرْ نَفْسَكَ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏28‏]‏ وَ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا‏}‏ ‏[‏107‏]‏ إِلَى آخِرِ السُّورَة‏ِ‏.‏

مَرْيَمُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا آيَةُ السَّجْدَةِ، وَقَوْلُهُ‏‏:‏ ‏{‏‏وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا‏‏}‏ ‏[‏71‏]‏‏.‏

طه‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ ‏{‏وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا‏‏}‏ ‏[‏130‏]‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى آيَةٌ أُخْرَى‏، فَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ‏:‏ «أَضَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَيْفًا، فَأَرْسَلَنِي إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْيَهُود‏:‏ أَنْ أَسْلِفْنِي دَقِيقًا إِلَى هِلَالِ رَجَبٍ، فَقَالَ‏‏:‏ لَا إِلَّا بِرَهْنٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ‏‏:‏ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لِأَمِينٌ فِي السَّمَاءِ أَمِينٌ فِي الْأَرْضِ‏.‏ فَلَمْ أَخْرُجْ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ‏:‏ ‏{‏‏لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ‏‏}‏» ‏[‏طه‏:‏ 131‏]‏‏.‏

الْأَنْبِيَاءُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا ‏{‏‏أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَا نَأْتِي الْأَرْضَ‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْأَنْبِيَاء‏:‏ 44‏]‏‏‏.‏

الْحَجُّ‏:‏ تَقَدَّمَ مَا يُسْتَثْنَى مِنْهَا‏‏.‏

الْمُؤْمِنُونَ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ‏‏}‏، إِلَى قَوْلِهِ ‏(‏‏مُبْلِسُونَ‏)‏ ‏[‏64- 77‏]‏‏.‏

الْفُرْقَانُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ‏}‏ إِلَى ‏{‏‏رَحِيمًا‏}‏ ‏[‏الْفُرْقَان‏:‏ 68- 70‏]‏‏.‏

الشُّعَرَاءُ‏:‏ اسْتَثْنَى ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْهَا وَالشُّعَرَاءُ‏‏}‏ ‏[‏224- 227‏]‏‏.‏ إِلَى آخِرِهَا، كَمَا تَقَدَّمَ‏‏.‏ زَادَ غَيْرُهُ قَوْلَهُ‏‏:‏ ‏{‏‏‏أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ‏‏}‏ ‏[‏197‏]‏ حَكَاهُ ابْنُ الْفَرَسِ‏.‏

الْقَصَصُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ‏}‏ إِلَى قَوْلِه‏:‏ الْجَاهِلِينَ ‏[‏52- 55‏]‏، فَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ هِيَ وَآخِرُ الْحَدِيدِ فِي أَصْحَابِ النَّجَاشِيِّ الَّذِينَ قَدِمُوا وَشَهِدُوا وَقْعَةَ أُحُدٍ، وَقَوْلُهُ‏‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏85‏]‏‏.‏ لِمَا سَيَأْتِي‏‏.‏

الْعَنْكَبُوتُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى‏:‏ وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ ‏[‏الْعَنْكَبُوت‏:‏ 11‏]‏ لِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ وَيُضَمُّ إِلَيْهِ ‏{‏‏وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْعَنْكَبُوت‏:‏ 60‏]‏، لِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا‏‏.‏

لُقْمَانُ‏:‏ اسْتَثْنَى مِنْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ ‏{‏‏‏وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ‏‏‏}‏ ‏[‏لُقْمَانَ‏:‏ 27- 29‏]‏ الْآيَاتِ الثَّلَاثَ كَمَا تَقَدَّمَ‏‏.‏

السَّجْدَةُ‏:‏ اسْتَثْنَى مِنْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏‏أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا‏‏}‏ ‏[‏السَّجْدَة‏:‏ 18- 20‏]‏‏.‏ الْآيَاتِ الثَّلَاثَ كَمَا تَقَدَّمَ‏.‏ وَزَادَ غَيْرُهُ ‏{‏‏تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ‏‏}‏ ‏[‏السَّجْدَة‏:‏ 16‏]‏‏.‏ وَيَدُلُّ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ عَنْ بِلَالٍ، قَالَ‏‏:‏ كُنَّا نَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ، وَنَاسٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يُصَلُّونَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْعِشَاءِ، فَنَزَلَتْ‏‏.‏

سَبَأٌ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏سَبَأٍ‏:‏ 6‏]‏‏‏.‏ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ الْمُرَادِيِّ، قَالَ‏:‏ «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ‏‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أُقَاتِلُ مَنْ أَدْبَرَ مِنْ قَوْمِي‏.‏‏.‏‏.‏ الْحَدِيثَ، وَفِيه‏:‏ وَأُنْزِلَ فِي سَبَأٍ مَا أُنْزِلَ، فَقَالَ رَجُلٌ‏‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا سَبَأٌ‏؟‏‏.‏‏.‏‏.‏ الْحَدِيثَ‏»‏.‏

قَالَ ابْنُ الْحَصَّار‏:‏ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ مَدَنِيَّةٌ؛ لِأَنَّ مُهَاجَرَةَ فَرْوَةَ بَعْدَ إِسْلَامِ ثَقِيفٍ سَنَةَ تِسْعٍ‏‏.‏

قَالَ‏‏:‏ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏(‏وَأُنْزِلَ‏)‏ حِكَايَةً عَمَّا تَقَدَّمَ نُزُولُهُ قَبْلَ هِجْرَتِهِ‏‏.‏

يس‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏يس‏:‏ 12‏]‏‏.‏ لِمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ‏‏:‏ «كَانَتْ بَنُو سَلَمَةَ فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ، فَأَرَادُوا النَّقْلَةَ إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ‏‏.‏ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ إِنَّ آثَارَكُمْ تُكْتَبُ فَلَمْ يَنْتَقِلُوا»‏.‏

وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ ‏{‏‏وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا ‏{‏الْآيَةَ ‏[‏يس‏:‏ 47‏]‏ قِيلَ‏:‏ نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ‏‏.‏

الزُّمَرُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ قُلْ يَا عِبَادِيَ ‏[‏الزَّمْر‏:‏ 53- 55‏]‏ الْآيَاتِ الثَّلَاثَ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي وَحْشِيِّ قَاتِلِ حَمْزَةَ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ‏:‏ ‏{‏‏‏قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ‏‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الزَّمْر‏:‏ 10‏]‏، وَذَكَرَهُ السَّخَاوِيُّ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ‏.‏

وَزَادَ غَيْرُهُ ‏{‏‏اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيث‏ِ‏}‏ الْآيَةَ‏.‏ ‏[‏الزَّمْر‏:‏ 23‏]‏ وَحَكَاهُ ابْنُ الْجَزَرِيِّ‏‏.‏

غَافِرٌ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ‏‏}‏ إِلَى قَوْلِهِ لَا يَعْلَمُونَ ‏[‏56- 57‏]‏‏.‏ فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَغَيْرِه‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ لَمَّا ذَكَرُوا الدَّجَّالَ، وَأَوْضَحْتُهُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ‏‏.‏

الشُّورَى‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا ‏{‏‏أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى‏‏}‏ إِلَى قَوْلِهِ ‏(‏‏بَصِيرٌ‏)‏ ‏[‏24- 27‏]‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ بِدَلَالَةِ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا، فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْأَنْصَارِ‏‏.‏ وَقَوْلُهُ ‏(‏‏وَلَوْ بَسَطَ‏)‏ الْآيَةَ ‏[‏27‏]‏ نَزَلَتْ فِي أَصْحَابِ الصُّفَّةِ‏.‏

وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ‏:‏ ‏{‏‏وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ‏‏}‏ إِلَى قَوْلِهِ ‏{‏‏مِنْ سَبِيلٍ‏}‏ ‏[‏الشُّورَى‏:‏ 39- 41‏]‏ حَكَاهُ ابْنُ الْفَرَسِ‏.‏

الزُّخْرُفُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا ‏{‏‏وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الزُّخْرُف‏:‏ 45‏]‏‏.‏ قِيلَ‏:‏ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ وَقِيلَ‏:‏ فِي السَّمَاءِ‏‏.‏

الْجَاثِيَةُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا ‏{‏‏قُلْ لِلَّذِينِ آمَنُوا‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْجَاثِيَة‏:‏ 14‏]‏ حَكَاهُ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ عَنْ قَتَادَةَ‏‏.‏

الْأَحْقَافُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْأَحْقَاف‏:‏ 10‏]‏، فَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيّ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي قِصَّةِ إِسْلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ‏.‏ وَلَهُ طُرُقٌ أُخْرَى، لَكِنْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ‏‏:‏ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بِمَكَّةَ، وَإِنَّمَا كَانَ إِسْلَامُ ابْنُ سَلَامٍ بِالْمَدِينَةِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ خُصُومَةٌ خَاصَمَ بِهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏ وَأَخْرَجَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ‏‏:‏ لَيْسَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَهَذِهِ الْآيَةُ مَكِّيَّةٌ‏‏.‏

وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ‏:‏ ‏{‏‏وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ‏‏}‏ ‏[‏الْأَحْقَاف‏:‏ 35‏]‏ الْآيَاتِ الْأَرْبَعَ‏.‏ وَقوله‏:‏ ‏{‏‏‏فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ‏‏‏}‏ الْآيَةَ‏‏.‏ الْآيَةَ ‏[‏الْأَحْقَاف‏:‏ 35‏]‏، حَكَاهُ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ‏.‏

ق‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ‏‏‏}‏ إِلَى ‏{‏لُغُوبٍ‏}‏ ‏[‏ق‏:‏ 38‏]‏‏.‏ فَقَدْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْيَهُود‏ِ‏.‏

النَّجْمُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ ‏[‏النَّجْم‏:‏ 32‏]‏ إِلَى ‏(‏اتَّقَى‏)‏ وَقِيلَ‏:‏ ‏{‏‏أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى‏‏}‏ ‏[‏النَّجْم‏:‏ 33‏]‏ الْآيَاتِ التِّسْعَ‏.‏

الْقَمَرُ‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ ‏(‏‏سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ‏)‏ الْآيَةَ ‏[‏الْقَمَر‏:‏ 45‏]‏‏.‏ وَهُوَ مَرْدُودٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي النَّوْعِ الثَّانِي عَشْرَ‏‏.‏ وَقِيلَ‏:‏ ‏(‏إِنَّ الْمُتَّقِينَ‏)‏ الْآيَتَيْنِ ‏[‏54- 55‏]‏‏‏.‏

الرَّحْمَنُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ ‏(‏‏يَسْأَلُهُ‏)‏ ‏[‏29‏]‏، حَكَاهُ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ‏.‏

الْوَاقِعَةُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ‏‏}‏ ‏[‏الْوَاقِعَة‏:‏ 39- 40‏]‏ وَقوله‏:‏ ‏{‏‏فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ‏‏‏}‏ إِلَى ‏(‏تُكَذِّبُونَ‏‏)‏ ‏[‏الْوَاقِعَة‏:‏ 75- 82‏]‏، لِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا‏‏.‏

الْحَدِيدُ‏:‏ يُسْتَثْنَى مِنْهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مَكِّيَّةٌ آخِرُهَا‏‏.‏

الْمُجَادَلَةُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْمُجَادَلَة‏:‏ 7‏]‏ حَكَاهُ ابْنُ الْفَرَسِ وَغَيْرُهُ‏‏.‏

التَّغَابُنُ‏:‏ يُسْتَثْنَى مِنْهَا عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ آخِرُهَا، لِمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا‏‏.‏

التَّحْرِيمُ‏:‏ تَقَدَّمَ عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ أَنَّ الْمَدَنِيَّ مِنْهَا إِلَى رَأْسِ الْعَشْرِ، وَالْبَاقِي مَكِّيٌّ‏‏.‏

تَبَارَكَ‏:‏ أَخْرَجَ جُوَيْبِرٌ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏‏:‏ أُنْزِلَتِ الْمُلْكُ فِي أَهْلِ مَكَّةَ إِلَّا ثَلَاثَ آيَاتٍ‏.‏

ن‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ ‏(‏إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ‏)‏ إِلَى ‏(‏يَعْلَمُونَ‏)‏ ‏[‏17- 33‏]‏ وَمِنْ ‏(‏فَاصْبِرْ‏)‏ إِلَى ‏(‏الصَّالِحِينَ‏)‏ ‏[‏ن‏:‏ 48- 50‏]‏ فَإِنَّهُ مَدَنِيٌّ، حَكَاهُ السَّخَاوِيُّ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ‏.‏

الْمُزَّمِّلُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ‏‏}‏ ‏[‏الْمُزَّمِّل‏:‏ 10- 11‏]‏ الْآيَتَيْنِ حَكَاهُ الْأَصْبِهَانِيُّ، وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏(‏‏إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ‏)‏ ‏[‏الْمُزَّمِّل‏:‏ 20‏]‏ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، حَكَاهُ ابْنُ الْفَرَسِ، وَيَرُدُّهُ مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، عَنْ عَائِشَةَ‏:‏ أَنَّهُ نَزَلَ بَعْدَ نُزُولِ صَدْرِ السُّورَةِ بِسَنَةٍ، وَذَلِكَ حِينَ فُرِضَ قِيَامُ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، قَبْلَ فَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ‏‏.‏

الْإِنْسَانُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا‏:‏ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ‏[‏الْإِنْسَان‏:‏ 24‏]‏‏.‏

الْمُرْسَلَاتُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا ‏{‏‏وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ‏‏}‏ ‏[‏الْمُرْسَلَات‏:‏ 48‏]‏ حَكَاهُ ابْنُ الْفَرَسِ، وَغَيْرُهُ‏‏.‏

الْمُطَفِّفِينَ‏:‏ قِيلَ‏:‏ مَكِّيَّةٌ، إِلَا سِتَّ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِهَا‏.‏

الْبَلَدُ‏:‏ قِيلَ‏:‏ مَدَنِيَّةٌ، إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِهَا‏‏.‏

اللَّيْلُ‏:‏ قِيلَ‏:‏ مَكِّيَّةٌ، إِلَّا أَوَّلَهَا‏‏.‏

أَرَأَيْتَ‏:‏ نَزَلَ ثَلَاثُ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِهَا بِمَكَّةَ، وَالْبَاقِي بِالْمَدِينَةِ‏‏.‏

ضَوَابِطُ ‏[‏فِي الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ‏]‏

أَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، وَالْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِه‏:‏ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ‏‏:‏ مَا كَانَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أُنْزِلَ بِالْمَدِينَةِ، وَمَا كَانَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ فَبِمَكَّةَ‏.‏

وَأَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْفَضَائِلِ عَنْ عَلْقَمَةَ مُرْسَلًا‏.‏

وَأُخْرِجَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ‏‏:‏ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ‏)‏ أَوْ ‏(‏يَا بَنِي آدَمَ‏)‏ فَإِنَّهُ مَكِّيٌّ، وَمَا كَانَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّهُ مَدَنِيٌّ‏‏.‏

قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَابْنُ الْفَرَسِ وَغَيْرُهُمَا‏‏:‏ هُوَ فِي ‏(‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا‏)‏ صَحِيحٌ، وَأَمَّا ‏(‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ‏)‏ فَقَدْ يَأْتِي فِي الْمَدَنِيِّ‏‏.‏

وَقَالَ ابْنُ الْحَصَّار‏:‏ وَقَدِ اعْتَنَى الْمُتَشَاغِلُونَ بِالنَّسْخِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَاعْتَمَدُوهُ عَلَى ضَعْفِهِ، وَقَدِ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنْ ‏(‏النِّسَاءَ‏)‏ مَدَنِيَّةٌ، وَأَوَّلُهَا‏:‏ ‏(‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ‏)‏ وَعَلَى أَنَّ ‏(‏الْحَجَّ‏)‏ مَكِّيَّةٌ؛ وَفِيهَا‏:‏ ‏{‏‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا‏‏}‏ ‏[‏الْحَجّ‏:‏ 77‏]‏‏.‏

وَقَالَ غَيْرُهُ‏‏:‏ هَذَا الْقَوْلُ إِنْ أُخِذَ عَلَى إِطْلَاقِهِ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ سُورَةَ الْبَقَرَةِ مَدَنِيَّةٌ، وَفِيهَا ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 21‏]‏ ‏{‏‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ‏‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 168‏]‏ وَسُورَةُ النِّسَاءِ مَدَنِيَّةٌ، وَأَوَّلُهَا‏‏:‏ يَا أَيُّهَا النَّاسُ‏‏.‏

وَقَالَ مَكِّيٌّ‏‏:‏ هَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَكْثَرِ وَلَيْسَ بِعَامٍّ وَفِي كَثِيرٍ مِنَ السُّوَرِ الْمَكِّيَّة‏:‏ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا‏.‏

وَقَالَ غَيْرُهُ‏‏:‏ الْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ خِطَابٌ، الْمَقْصُودُ بِهِ- أَوْ جُلُّ الْمَقْصُودِ بِهِ- أَهْلُ مَكَّةَ أَوِ الْمَدِينَةِ‏‏.‏

وَقَالَ الْقَاضِي‏‏:‏ إِنْ كَانَ الرُّجُوعُ فِي هَذَا إِلَى النَّقْلِ فَمُسْلِمٌ، وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ فِيهِ حُصُولَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى الْكَثْرَةِ دُونَ مَكَّةَ فَضَعِيفٌ، إِذْ يَجُوزُ خِطَابُ الْمُؤْمِنِينَ بِصِفَتِهِمْ وَبِاسْمِهِمْ وَجِنْسِهِمْ‏.‏ وَيُؤْمَرُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْعِبَادَةِ كَمَا يُؤْمَرُ الْمُؤْمِنُونَ بِالِاسْتِمْرَارِ عَلَيْهَا وَالِازْدِيَادِ مِنْهَا‏.‏ نَقَلَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي تَفْسِيرِهِ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ بَكِيرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِيهِ ذِكْرُ الْأُمَمِ وَالْقُرُونِ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِمَكَّةَ وَمَا كَانَ مِنَ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ‏‏.‏

وَقَالَ الْجَعْبَرِيُّ‏‏:‏ لِمَعْرِفَةِ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ طَرِيقَان‏:‏ سَمَاعِيٌّ وَقِيَاسِيٌّ‏‏.‏

فَالسَّمَاعِيُّ‏:‏ مَا وَصَلَ إِلَيْنَا نُزُولُهُ بِأَحَدِهِمَا‏.‏

وَالْقِيَاسِيُّ‏:‏ كُلُّ سُورَةٍ فِيهَا ‏(‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ‏)‏ فَقَطْ، أَوْ ‏(‏كَلَّا‏)‏ أَوْ‏:‏ أَوَّلُهَا حَرْفُ تَهَجٍّ- سِوَى الزَّهْرَاوَيْنِ وَالرَّعْدِ- أَوْ‏:‏ فِيهَا قِصَّةُ آدَمَ وَإِبْلِيسَ- سِوَى الْبَقَرَةِ- فَهِيَ مَكِّيَّةٌ، وَكُلُّ سُورَةٍ فِيهَا قَصَصُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ الْخَالِيَةِ مَكِّيَّةٌ، وَكُلُّ سُورَةٍ فِيهَا فَرِيضَةٌ أَوْ حَدٌّ فَهِيَ مَدَنِيَّةٌ‏.‏ انْتَهَى‏‏.‏

وَقَالَ مَكِّيٌّ‏‏:‏ كُلُّ سُورَةٍ فِيهَا ذِكْرُ الْمُنَافِقِينَ فَمَدَنِيَّةٌ‏، زَادَ غَيْرُهُ‏‏:‏ سِوَى الْعَنْكَبُوتِ‏‏.‏

وَفِي كَامِلِ الْهُذَلِيّ‏:‏ كُلُّ سُورَةٍ فِيهَا سَجْدَةٌ فَهِيَ مَكِّيَّةٌ‏‏.‏

وَقَالَ الدِّيرِينِيُّ رَحِمَهُ اللَّه‏ُ‏:‏

وَمَا نَزَلَتْ ‏(‏كَلَّا‏)‏ بِيَثْرِبَ فَاعْلَمَنْ *** وَلَمْ تَأْتِ فِي الْقُرْآنِ فِي نِصْفِهِ الْأَعْلَى

وَحِكْمَةُ ذَلِكَ‏:‏ أَنَّ نِصْفَهُ الْأَخِيرَ نَزَلَ أَكْثَرُهُ بِمَكَّةَ، وَأَكْثَرُهَا جَبَابِرَةٌ، فَتَكَرَّرَتْ فِيهِ عَلَى وَجْهِ التَّهْدِيدِ وَالتَّعْنِيفِ لَهُمْ، وَالْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ، بِخِلَافِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ‏.‏ وَمَا نَزَلَ مِنْهُ فِي الْيَهُودِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى إِيرَادِهَا فِيهِ لِذِلَّتِهِمْ وَضَعْفِهِمْ؛ ذَكَرَهُ الْعِمَّانِيُّ‏‏.‏

فَائِدَةٌ‏:‏ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ‏:‏ نَزَلَ الْمُفَصَّلُ بِمَكَّةَ، فَمَكَثْنَا حِجَجًا نَقْرَؤُهُ، لَا يَنْزِلُ غَيْرُهُ‏‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَدْ تَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْأَوْجُهِ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ حَبِيبٍ‏:‏ الْمَكِّيُّ وَالْمَدَنِيُّ، وَمَا اخْتُلِفَ فِيهِ، وَتَرْتِيبُ نُزُولِ ذَلِكَ، وَالْآيَاتُ الْمَدَنِيَّاتُ فِي السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ وَالْآيَاتُ الْمَكِّيَّاتُ فِي السُّوَرِ الْمَدَنِيَّةِ، وَبَقِيَ أَوْجُهٌ تَتَعَلَّقُ بِهَذَا النَّوْعِ ذَكَرَ هُوَ أَمْثِلَتَهَا فَنَذْكُرُهُ‏.‏

مِثَالُ مَا نَزَلَ بِمَكَّةَ وَحُكْمُهُ مَدَنِيٌّ‏:‏ ‏{‏‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْحُجُرَات‏:‏ 13‏]‏ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ‏‏.‏ وَقَوْلُهُ ‏{‏‏الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏‏}‏ ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 3‏]‏ كَذَلِكَ‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ وَكَذَا قَوْلُهُ ‏{‏‏إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا‏‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 58‏]‏ فِي آيَاتٍ أُخَرَ‏‏.‏

وَمِثَالُ مَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ وَحُكْمُهُ مَكِّيٌّ‏‏:‏ سُورَةُ الْمُمْتَحَنَةِ؛ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ مُخَاطِبَةً لِأَهْلِ مَكَّةَ‏‏.‏

وَقَوْلُهُ فِي النَّحْل‏:‏ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا ‏[‏النَّحْل‏:‏ 41‏]‏ إِلَى آخِرِهَا، نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ مُخَاطِبًا بِهِ أَهْلَ مَكَّةَ‏‏.‏

وَصَدْرُ بَرَاءَةٍ، نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ خِطَابًا لِمُشْرِكِي أَهْلِ مَكَّةَ‏‏.‏

وَمِثَالُ مَا يُشْبِهُ تَنْزِيلَ الْمَدَنِيِّ فِي السُّوَرِ الْمَكِّيَّة‏:‏ قَوْلُهُ فِي النَّجْم‏:‏ ‏{‏‏الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ‏‏}‏‏.‏

‏[‏النَّجْم‏:‏ 32‏]‏‏.‏ فَإِنَّ الْفَوَاحِشَ كُلُّ ذَنْبٍ فِيهِ حَدٌّ، وَالْكَبَائِرُ كُلُّ ذَنْبٍ عَاقِبَتُهُ النَّارُ، وَاللَّمَمُ مَا بَيْنَ الْحَدَّيْنِ مِنَ الذُّنُوبِ‏.‏ وَلَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ حَدٌّ، وَلَا نَحْوُهُ‏‏.‏

وَمِثَالُ مَا يُشْبِهُ تَنْزِيلَ مَكَّةَ فِي السُّوَرِ الْمَدَنِيَّة‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏(‏‏وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا‏)‏ وَقَوْلُهُ فِي الْأَنْفَال‏:‏ ‏{‏‏وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْأَنْفَال‏:‏ 32‏]‏‏.‏

وَمِثَالُ مَا حُمِلَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَة‏:‏ سُورَةُ يُوسُفَ، وَالْإِخْلَاصِ‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ وَ‏(‏سَبِّحْ‏)‏، كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ‏‏.‏

وَمِثَالُ مَا حُمِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ‏:‏ ‏{‏‏يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ‏‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 217‏]‏ وَآيَةُ الرِّبَا، وَصَدْرُ بَرَاءَةٍ، وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسُهِمْ‏‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 97‏]‏ الْآيَاتِ‏‏.‏

وَمِثَالُ مَا حُمِلَ إِلَى الْحَبَشَة‏:‏ ‏{‏‏قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ‏‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 64‏]‏ الْآيَاتِ‏‏.‏

قُلْتُ‏‏:‏ صَحَّ حَمْلُهَا إِلَى الرُّومِ‏.‏

وَيَنْبَغِي أَنْ يُمَثَّلَ لِمَا حُمِلَ إِلَى الْحَبَشَةِ بِسُورَةِ مَرْيَمَ، فَقَدْ صَحَّ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَرَأَهَا عَلَى النَّجَاشِيِّ‏، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ‏‏.‏

وَأَمَّا مَا أُنْزِلَ بِالْجُحْفَةِ وَالطَّائِفِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَالْحُدَيْبِيَةِ؛ فَسَيَأْتِي فِي النَّوْعِ الَّذِي يَلِي هَذَا، وَيُضَمُّ إِلَيْهِ مَا نَزَلَ بِمِنًى وَعَرَفَاتٍ وَعُسْفَانَ وَتَبُوكٍ وَبَدْرٍ وَأُحُدٍ وَحِرَاءَ وَحَمْرَاءِ الْأَسَدِ‏‏.‏

النَّوْعُ الثَّانِي‏:‏ مَعْرِفَةُ الْحَضَرِيِّ وَالسَّفَرِيِّ

أَمْثِلَةُ الْحَضَرِيِّ كَثِيرَةٌ‏‏.‏

وَأَمَّا السَّفَرِيُّ‏:‏ فَلَهُ أَمْثِلَةٌ تَتَبَّعْتُهَا‏‏.‏

مِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى‏‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 125‏]‏ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ‏‏.‏

فَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ‏‏:‏ «لَمَّا طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ عُمَرُ‏‏:‏ هَذَا مَقَامُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ‏؟‏ قَالَ‏‏:‏ نَعَمْ قَالَ‏‏:‏ أَفَلَا نَتَّخِذُهُ مُصَلَّى‏؟‏ فَنَزَلَتْ»‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّاب‏:‏ «أَنَّهُ مَرَّ بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ‏‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ نَقُومُ مَقَامَ خَلِيلِ رَبِّنَا‏؟‏ قَالَ‏‏:‏ بَلَى قَالَ‏‏:‏ أَفَلَا نَتَّخِذُهُ مُصَلَّى‏؟‏ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَا يَسِيرًا حَتَّى» نَزَلَتْ‏‏.‏

وَقَالَ ابْنُ الْحَصَّار‏:‏ نَزَلَتْ إِمَّا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، أَوْ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، أَوْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ‏‏.‏

وَمِنْهَا ‏{‏‏وَلَيْسَ الْبَرَّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 189‏]‏‏.‏ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ‏‏.‏ وَعَنِ السَّدِّيِّ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ‏‏.‏

وَمِنْهَا ‏{‏‏وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ‏‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 196‏]‏ فَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ‏:‏ «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ- صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَضَمِّخٌ بِالزَّعْفَرَانِ، عَلَيْهِ جُبَّةٌ، فَقَالَ‏‏:‏ كَيْفَ تَأْمُرُنِي فِي عُمْرَتِي‏؟‏ فَنَزَلَتْ، فَقَالَ‏‏:‏ أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ‏؟‏ أَلْقِ عَنْكَ ثِيَابَكَ، ثُمَّ اغْتَسِلْ»‏.‏‏.‏ الْحَدِيثَ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 196‏]‏‏.‏ نَزَلَتْ بِالْحُدَيْبِيَةَ كَمَّا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، وَالْوَاحِدِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ آمَنَ الرَّسُولُ الْآيَةَ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 285‏]‏‏.‏ قِيلَ‏:‏ نَزَلَتْ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَلَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى دَلِيلٍ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 281‏]‏‏.‏ نَزَلَتْ بِمِنًى عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ‏‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 172‏]‏‏‏.‏ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِحَمْرَاءَ الْأَسَدِ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏‏:‏ آيَةُ التَّيَمُّمِ فِي النِّسَاءِ ‏[‏43‏]‏‏.‏ أَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ الْأَسْلَعِ بْنِ شَرِيكٍ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي بَعْضِ أَسْفَارِ النَّبِيِّ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ الِلَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا‏‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 58‏]‏ نَزَلَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ، كَمَا أَخْرَجَهُ سُنَيْدٌ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 102‏]‏، نَزَلَتْ بِعُسْفَانَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، كَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ‏‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 176‏]‏ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَغَيْرُهُ، عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهَا نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ- صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَسِيرٍ لَهُ‏.‏

وَمِنْهَا‏‏:‏ أَوَّلُ الْمَائِدَةِ، أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِمِنًى‏‏.‏ وَأَخْرَجَ فِي الدَّلَائِلِ عَنْ أُمِّ عَمْرٍو، عَنْ عَمِّهَا‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَسِيرٍ لَهُ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ‏‏:‏ نَزَلَتْ سُورَةُ الْمَائِدَةِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏‏}‏ ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 3‏]‏ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُمْرَ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ‏، وَلَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ، لَكِنْ أَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهَا نَزَلَتْ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ مِثْلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيه‏:‏ أَنَّهُ الْيَوْمُ الثَّامِنَ عَشْرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، مَرْجِعُهُ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏‏:‏ آيَةُ التَّيَمُّمِ فِيهَا، فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْبَيْدَاءِ، وَهُمْ دَاخِلُونَ الْمَدِينَةَ‏‏.‏ وُفِي لَفْظ‏:‏ الْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ‏.‏

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيد‏:‏ يُقَالُ إِنَّهُ كَانَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ‏، وَجَزَمَ بِهِ فِي الَاسْتِذْكَارِ، وَسَبَقَهُ إِلَى ذَلِكَ ابْنُ سَعْدٍ وَابْنُ حِبَّانَ، وَغَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ هِيَ غَزْوَةُ الْمُرَيْسِيعِ‏.‏ وَاسْتَبْعَدَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، قَالَ‏‏:‏ لِأَنَّ الْمُرَيْسِيعَ مِنْ نَاحِيَةِ مَكَّةَ بَيْنَ قُدَيْدٍ وَالسَّاحِلِ، وَهَذِهِ الْقِصَّةُ مِنْ نَاحِيَةِ خَيْبَرَ؛ لِقَوْلِ عَائِشَةَ بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ، وَهُمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَخَيْبَرَ، كَمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ، لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ التِّينِ بِأَنَّ الْبَيْدَاءَ هِيَ ذُو الْحُلَيْفَةِ‏‏.‏

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ‏‏:‏ الْبَيْدَاءُ هُوَ الشَّرَفُ الَّذِي قُدَّامَ ذِي الْحُلَيْفَةِ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ، قَالَ‏‏:‏ وَذَاتُ الْجَيْشِ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى بَرِيدٍ‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ الِلَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ‏‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 11‏]‏‏‏.‏ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ‏‏:‏ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ الِلَّهِ- صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِبَطْنِ نَخْلٍ، فِي الْغَزْوَةِ السَّابِعَةِ، حِينَ أَرَادَ بَنُو ثَعْلَبَةَ وَبَنُو مُحَارِبٍ أَنْ يَفْتِكُوا بِهِ، فَأَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ الناس‏ِ‏}‏ ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 67‏]‏‏.‏ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ‏:‏ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي السَّفَرِ‏‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ جَابِرٍ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ بِأَعْلَى نَخْلٍ فِي غَزْوَةِ بَنِي أَنْمَارٍ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏‏:‏ أَوَّلُ الْأَنْفَالِ، نَزَلَتْ بِبَدْرٍ عَقِبَ الْوَاقِعَةِ، كَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْأَنْفَال‏:‏ 9‏]‏‏.‏ نَزَلَتْ بِبَدْرٍ أَيْضًا كَمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عُمَرَ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 34‏]‏، نَزَلَتْ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، كَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ ثَوْبَانَ‏‏.‏

وَمِنْهَا قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا‏}‏ الْآيَاتِ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 42‏]‏، نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ، كَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لِيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 56‏]‏‏.‏ نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ، كَمَّا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 113‏]‏‏‏.‏ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ- صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُعْتَمِرًا وَهَبَطَ مِنْ ثَنِيَّةِ عُسْفَانَ، فَزَارَ قَبْرَ أُمِّهِ، وَاسْتَأْذَنَ فِي الَاسْتِغْفَارِ لَهَا‏‏.‏

وَمِنْهَا‏‏:‏ خَاتِمَةُ النَّحْلِ‏، أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ وَالْبَزَّارُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِأُحُدٍ وَالنَّبِيُّ- صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاقِفٌ عَلَى حَمْزَةَ حِينَ اسْتُشْهِدَ‏.‏

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏‏:‏ ‏{‏‏وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا‏‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 76‏]‏ أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي تَبُوكٍ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏‏:‏ أَوَّلُ الْحَجِّ‏، أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ‏‏:‏ لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ- صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-‏:‏ ‏{‏‏‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ‏‏}‏ إِلَى قَوْلِه‏:‏ ‏{‏‏وَلَكِنَّ عَذَابَ الِلَّهَ شَدِيدٌ‏‏}‏ ‏[‏الْحَجّ‏:‏ 1- 2‏]‏ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ وَهُوَ فِي سَفَرٍ‏.‏ ‏‏.‏‏.‏‏.‏ الْحَدِيثَ‏‏.‏

وَعِنْدَ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَسِيرِهِ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏هَذَانَ خَصْمَانِ‏‏}‏ ‏[‏الْحَجّ‏:‏ 19‏]‏ الْآيَاتِ‏.‏ قَالَ الْقَاضِي جَلَالُ الدِّينِ الْبَلْقِينِيُّ‏‏:‏ الظَّاهِرِ أَنَّهَا نَزَلَتْ يَوْمَ بَدْرٍ وَقْتَ الْمُبَارَزَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِشَارَةِ بـ هَذَانَ‏.‏

وَمِنْهَا ‏{‏‏أُذِنَ لِلَّذِينِ يُقَاتَلُونَ‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْحَجّ‏:‏ 39‏]‏‏، أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏‏:‏ لَمَّا أُخْرِجُ النَّبِيُّ- صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَكَّةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏‏:‏ أَخْرَجُوا نَبِيَّهُمْ لَيُهْلَكُنَّ، فَنَزَلَتْ‏‏.‏

قَالَ ابْنُ الْحَصَّار‏:‏ وَاسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي سَفَرِ الْهِجْرَةِ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْفُرْقَان‏:‏ 45‏]‏‏.‏ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ‏‏:‏ نَزَلَتْ بِالطَّائِفِ وَلَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى مُسْتَنَدٍ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ‏}‏ ‏[‏الْقَصَص‏:‏ 85‏]‏ نَزَلَتْ بِالْجُحْفَةِ فِي سَفَرِ الْهِجْرَةِ، كَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الضَّحَّاكِ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏‏:‏ أَوَّلُ الرُّومِ، رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ‏‏:‏ لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ ظَهَرَتِ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ، فَأَعْجَبَ ذَلِكَ الْمُؤْمِنِينَ، فَنَزَلَتْ ‏{‏‏ألم غُلِبَتِ الرُّومُ‏‏}‏ إِلَى قَوْلِهِ ‏(‏بِنَصْرِ الِلَّهِ‏‏)‏ ‏[‏الرُّوم‏:‏ 1- 5‏]‏ قَالَ التِّرْمِذِيُّ‏‏:‏ غَلَبَتِ الرُّومُ، يَعْنِي بِالْفَتْحِ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏‏وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا‏‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الزُّخْرُف‏:‏ 45‏]‏ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ‏‏:‏ نَزَلَتْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏مُحَمَّدٍ‏:‏ 13‏]‏‏‏.‏ قَالَ السَّخَاوِيُّ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ‏:‏ قِيلَ‏:‏ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَوَجَّهَ مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَفَ فَنَظَرَ إِلَى مَكَّةَ وَبَكَى، فَنَزَلَتْ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏‏:‏ سُورَةُ الْفَتْحِ‏، أَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَا‏:‏ نَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فِي شَأْنِ الْحُدَيْبِيَةِ، مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا‏‏.‏ وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مَجْمَعِ بْنِ جَارِيَةَ‏:‏ أَنَّ أَوَّلَهَا نَزَلَ بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْحُجُرَات‏:‏ 13‏]‏‏‏.‏ أَخْرَجَ الْوَاحِدِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، لَمَّا رَقِيَ بِلَالٌ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ وَأَذَّنَ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاس‏:‏ أَهَذَا الْعَبْدُ الْأَسْوَدُ يُؤَذِّنُ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ‏؟‏ ‏!‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏(‏‏‏سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ‏)‏ الْآيَةَ ‏[‏الْقَمَر‏:‏ 45‏]‏، قِيلَ‏:‏ إِنَّهَا نَزَلَتْ يَوْمَ بَدْرٍ حَكَاهُ ابْنُ الْفَرَسِ، وَهُوَ مَرْدُودٌ، لِمَا سَيَأْتِي فِي النَّوْعِ الثَّانِي عَشَرَ، ثُمَّ رَأَيْتُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يُؤَيِّدُهُ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏‏:‏ قَالَ النَّسَفِيُّ‏‏:‏ قَوْلَهُ‏:‏ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ‏[‏الْوَاقِعَةُ‏:‏ 13‏]‏، وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏‏أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ‏‏}‏ ‏[‏الْوَاقِعَة‏:‏ 81‏]‏ نَزَلَتَا فِي سَفَرِهِ- صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ‏.‏ وَلَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى مُسْتَنَدٍ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ ‏{‏‏وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ‏‏}‏ ‏[‏الْوَاقِعَة‏:‏ 82‏]‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ أَبِي حَرْزَةَ قَالَ‏‏:‏ «نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ لَمَّا نَزَلُوا الْحِجْرَ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ الِلَّهِ- صَلَّى الِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لَا يَحْمِلُوا مِنْ مَائِهَا شَيْئًا، ثُمَّ ارْتَحَلَ، ثُمَّ نَزَلَ مَنْزِلًا آخَرَ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَشَكَوْا ذَلِكَ، فَدَعَا، فَأَرْسَلَ اللَّهُ سَحَابَةً، فَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِمْ حَتَّى اسْتَقَوْا مِنْهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ‏‏:‏ إِنَّمَا مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا، فَنَزَلَتْ»‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ آيَةُ الِامْتِحَان‏:‏ ‏{‏‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ‏‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْمُمْتَحَنَة‏:‏ 10‏]‏‏‏.‏ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيّ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِأَسْفَلِ الْحُدَيْبِيَةِ‏.‏

وَمِنْهَا‏‏:‏ سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلًا فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ‏‏.‏ وَأَخْرَجَ عَنْ سُفْيَانَ أَنَّهَا فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ‏.‏ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏‏:‏ سُورَةُ الْمُرْسَلَاتِ‏‏، أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ‏:‏ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ بِمِنًى إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْه‏:‏ ‏(‏وَالْمُرْسَلَاتِ‏)‏‏.‏‏.‏ الْحَدِيثَ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏‏:‏ سُورَةُ الْمُطَفِّفِينَ أَوْ بَعْضُهَا، حَكَى النَّسَفِيُّ وَغَيْرُهُ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي سَفَرِ الْهِجْرَةِ قَبْلَ دُخُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة‏َ‏.‏

وَمِنْهَا‏‏:‏ أَوَّلُ سُورَةِ اقْرَأْ نَزَلَ بِغَارِ حِرَاءَ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ‏.‏

وَمِنْهَا‏‏:‏ سُورَةُ الْكَوْثَرِ‏‏.‏ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ‏:‏ أَنَّهَا نَزَلَتْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ‏‏.‏

وَمِنْهَا‏‏:‏ سُورَةُ النَّصْرِ‏، أَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِل‏:‏ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏‏:‏ أُنْزِلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ‏:‏ ‏{‏‏إِذَا جَاءَ نَصْرُ الِلَّهِ وَالْفَتْحُ‏‏}‏ عَلَى رَسُولِ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَعَرَفَ أَنَّهُ الْوَدَاعِ، فَأَمَرَ بِنَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ، فَرَحَلَتْ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَذَكَرَ خُطْبَتَهُ الْمَشْهُورَةَ‏‏.‏